أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢١٣
القيامة. وحذف العائد المنصوب بفعل أو وصف مضطرد كما هو معلوم.
وقال بعض العلماء: هي مصدرية. أي والذين كفروا معرضون عن الإنذار، ولكليهما وجه. قوله تعالى: * (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الا رض أم لهم شرك فى السماوات ائتونى بكتاب من قبل هاذآ أو أثارة من علم إن كنتم صادقين) *. قد ذكرنا قريبا أن قوله: * (ما خلقنا السماوات والا رض وما بينهمآ إلا بالحق) * يتضمن البرهان القاطع على صحة معنى لا إله إلا الله. وأن العلامة الفارقة بين المعبود بحق. وبين غيره هي كونه خالقا. وأول سورة الأحقاف هذه يزيد ذلك إيضاحا. لأنه ذكر من صفات المعبود بحق أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق. وذكر من المعبودات الأخرى التي عبادتها كفر. مخلد في النار أنها لا تخلق شيئا. فقوله تعالى: * (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله) * أي هذه المعبودات التي تعبدونها من دون الله. أروني ماذا خلقوا من الأرض.
فقوله: أروني. يراد بها التعجيز والمبالغة في عدم خلقهم شيئا. وعلى أن * (ما) * استفهامية. * (وذا) * موصولة.
فالمعنى أروني ما الذي خلقوه من الأرض. وعلى أن * (ما) * و * (ذا) * بمنزلة كلمة واحدة يراد بها الاستفهام.
فالمعنى: أروني أي شيء خلقوه من الأرض؟
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن من لم يخلق شيئا في الأرض ولم يكن له شرك في السماوات. لا يصح أن يكون معبودا بحال جاء موضحا في آيات كثيرة. كقوله تعالى في فاطر * (قل أرءيتم شركآءكم الذين تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الا رض أم لهم شرك فى السماوات أم ءاتيناهم كتابا) *. وقوله في لقمان: * (هاذا خلق الله فأرونى ماذا خلق الذين من دونه) * وقوله في سبأ * (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السماوات ولا فى الا رض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير) * والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقد قدمنا طرفا منها قريبا.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»