أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢١٤
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (ائتونى بكتاب من قبل هاذآ) *، قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: * (أم ءاتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون) *. قوله تعالى: * (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعآئهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعدآء) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الجاثية في الكلام على قوله تعالى: * (ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أوليآء) *. وفي سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: * (واتخذوا من دون الله ءالهة ليكونوا لهم عزا) *. قوله تعالى: * (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جآءهم هاذا سحر مبين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا قرئت عليهم آيات هذا القرآن العظيم الذي هو الحق ادعوا أنها سحر مبين واضح.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من افترائهم على القرآن أنه سحر وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه ساحر جاء موضحا في آيات كثيرة. كقوله تعالى في سبأ * (وقال الذين كفروا للحق لما جآءهم إن هاذآ إلا سحر مبين) *. وقوله تعالى في الزخرف * (ولما جآءهم الحق قالوا هاذا سحر وإنا به كافرون) *. وقوله تعالى: * (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم) * إلى قوله * (أفتأتون السحر وأنتم تبصرون) *. وقوله تعالى: * (ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هاذآ إلا سحر مبين) *.
والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة. قوله تعالى: * (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لى من الله شيئا) *. أم هذه هي المنقطعة وقد قدمنا أنها تأتي بمعنى الإضراب.
وتأتي بمعنى همزة الإنكار.
وتأتي بمعناهما معا وهو الظاهر في هذه الآية الكريمة.
فأم فيها على ذلك تفيد معنى الإضراب والإنكار معا، فهو بمعنى دع هذا، واسمع قولهم المستنكر لظهور كذبهم فيه، أن محمدا افترى هذا القرآن، وقد كذبهم الله في
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»