ولهذا قال تعالى بعده قريبا منه * (والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) *. وقال تعالى في الأعراف * (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون) *. وقال تعالى في الحج * (ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له) * أي ومن لم يقدر أن يخلق شيئا لا يصح أن يكون معبودا بحال وقال تعالى: * (سبح اسم ربك الاعلى الذى خلق فسوى) *.
ولما بين تعالى في أول سورة الفرقان، صفات من يستحق أن يعبد، ومن لا يستحق ذلك.
قال في صفات من يستحق العبادة: * (الذى له ملك السماوات والا رض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك وخلق كل شىء فقدره تقديرا) *.
وقال في صفات من لا يصح أن يعبد * (واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) *.
والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا وكل تلك الآيات تدل دلالة واضحة على أنه تعالى ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا خلقا متلبسا بالحق.
وقد بين جل وعلا أن من الحق الذي خلق السماوات والأرض وبينهما، خلقا متلبسا به، تعليمه خلقه أنه تعالى على كل شيء قدير، وأنه قد أحاط بكل شيء علما، وذلك في قوله تعالى: * (الله الذى خلق سبع سماوات ومن الا رض مثلهن يتنزل الا مر بينهن لتعلموا أن الله على كل شىء قدير وأن الله قد أحاط بكل شىء علما) *.
فلام التعليل في قوله: لتعلموا متعلقة بقوله * (خلق سبع سماوات) * وبه تعلم أنه ما خلق السماوات السبع، والأرضين السبع، وجعل الأمر يتنزل بينهن، إلا خلقا متلبسا بالحق.
ومن الحق الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما خلقا متلبسا به، هو تكليف الخلق، وابتلاؤهم أيهم أحسن عملا، ثم جزاؤهم على أعمالهم، كما قال تعالى في أول