أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٦٦
أي: لا يبغي أحدهما على الآخر فيمتزج به، وهذا البرزخ الفاصل بين البحرين المذكور في سورة (الفرقان) و سورة (الرحمان)، قد بين تعالى في سورة (النمل) أنه حاجز حجز به بينهما، وذلك في قوله جل وعلا: * (أمن جعل الارض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسى وجعل بين البحرين حاجزا أءلاه مع الله بل أكثرهم لا يعلمون) *، وهذا الحاجز هو اليبس من الأرض الفاصل بين الماء العذب، والماء الملح على التفسير الأول.
وأما على التفسير الثاني: فهو حاجز من قدرة الله غير مرئي للبشر، وأكد شدة حجزه بينهما بقوله هنا: * (وحجرا محجورا) *، والظاهر أن قوله هنا: * (حجرا) *، أي: منعا وحراما قدريا، وأن * (محجورا) * توكيد له، أي: منعا شديدا للاختلاط بينهما، وقوله: * (هاذا عذب) *، صفة مشبهة من قولهم: عذب الماء بالضم فهو عذب. وقوله: * (فرات) * صفة مشبهة أيضا، من فرت الماء بالضم، فهو فرات، إذا كان شديد العذوبة، وقوله: * (وهاذا ملح) *، صفة مشبهة أيضا من قولهم: ملح الماء بالضم والفتح، فهو ملح.
قال الجوهري في (صحاحه): ولا يقال مالح إلا في لغة ردية، اه.
وقد أجاز ذلك بعضهم، واستدل له بقول القائل: وقد أجاز ذلك بعضهم، واستدل له بقول القائل:
* ولو تفلت في البحر والبحر مالح * لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا * وقوله: * (أجاج) *، صفة مشبهة أيضا، من قولهم: أج الماء يؤج أجوجا فهو أجاج، أي: ملح مر، فالوصف بكونه أجاجا يدل على زيادة المرارة على كونه ملحا، والعلم عند الله تعالى.
* (وهو الذى خلق من المآء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا * ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا * ومآ أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا * قل مآ أسألكم عليه من أجر إلا من شآء أن يتخذ إلى ربه سبيلا * وتوكل على الحى الذى لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا * الذى خلق السماوات والا رض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمان فاسأل به خبيرا * وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا * تبارك الذى جعل فى السمآء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا * وهو الذى جعل اليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا * وعباد الرحمان الذين يمشون على الا رض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها سآءت مستقرا ومقاما * والذين إذآ أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما * والذين لا يدعون مع الله إلاها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذالك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا فأولائك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما * ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا * والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما * والذين إذا ذكروا بأايات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا * والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما * أولائك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما * قل ما يعبؤا بكم ربى لولا دعآؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما) * * (وهو الذى خلق من المآء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) *. قال الزمخشري في (الكشاف)، في تفسير هذه الآية الكريمة: فقسم البشر قسمين، ذوى نسب، أي: ذكورا ينسب إليهم، فيقال: فلان بن فلان وفلانة بنت فلان، وذوات صهر، أي: إناثا يطاهر بهن؛ كقوله: * (فجعل منه الزوجين الذكر والانثى) *، * (وكان ربك قديرا) *، حيث خلق من النطفة الواحدة بشرا نوعين ذكر وأنثى، انتهى منه.
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»