أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٤٥
وأما كون يوم القيامة عسيرا على الكافرين، فقد قدمنا الآيات الدالة عليه قريبا في الكلام على قوله تعالى: * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) *. قوله تعالى: * (ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى * ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا سبيلا * ياويلتا ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا) *. من المشهور عند علماء التفسير أن الظالم الذي نزلت فيه هذه الآية، هو عقبة بن أبي معيط، وأن فلانا الذي أضله عن الذكر أمية بن خلف، أو أخوه أبي بن خلف، وذكر بعضهم أن في قراءة بعض الصحابة. ليتني لم أتخذ أبيا خليلا، وهو على تقدير ثبوته من قبيل التفسير، لا القراءة، وعلى كل حال فالعبرة بعموم الألفاظ، لا بخصوص الأسباب، فكل ظالم أطاع خليله في الكفر، حتى مات على ذلك يجري له مثل ما جرى لابن أبي معطي.
وما ذكره جلا وعلا في هذه الآيات الكريمة جاء موضحا في غيرها. فقوله: * (ويوم يعض الظالم على يديه) * كناية عن شدة الندم والحسرة، لأن النادم ندما شديدا، يعض على يديه، وندم الكافر يوم القيامة وحسرته الذي دلت عليه هذه الآية، جاء موضحا في آيات أخر، كقوله تعالى في سورة يونس: * (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط) * الآية. وقوله تعالى في سورة سبأ: * (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الاغلال فى أعناق الذين كفروا) * الآية. وقوله تعالى: * (قالوا يأبانا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها) *. والحسرة أشد الندامة وقوله تعالى: * (كذالك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار) * إلى غير ذلك من الآيات، وما ذكره هنا من أن الكافر يتمنى أن يكون آمن بالرسول في دار الدنيا، واتخذ معه سبيلا: أي طريقا إلى الجنة في قوله هنا: * (يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا) * جاء موضحا في آيات أخر كقوله تعالى: * (يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون ياليتنا ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) * وقوله تعالى: * (يقول ياليتنى * ليتنى قدمت لحياتى) * وقوله تعالى: * (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) * إلى غير ذلك من الآيات.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»