أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٦٧
وهذا التفسير الذي فسر به الآية، يدل له ما استدل عليه به، وهو قوله تعالى: * (ألم يك نطفة من منى يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والانثى) *، وهو دليل على أن آية (الفرقان) هذه بينتها آية (القيامة) المذكورة، وفي هذه الآية الكريمة أقوال أخر غير ما ذكره الزمخشري.
منها ما ذكر ابن كثير، قال: * (فجعله نسبا وصهرا) *، فهو في ابتداء أمره ولد نسيب ثم يتزوج فيصهر صهرا، وانظر بقية الأقوال في الآية في تفسير القرطبي و (الدر المنثور) للسيوطي.
مسألة استنبط بعض العلماء من هذه الآية الكريمة أن بنت الرجل من الزنى، لا يحرم عليه نكاحها. قال ابن العربي المالكي في هذه الآية: والنسب عبارة عن خلط الماء بين الذكر والأنثى، على وجه الشرع، فإن كان بمعصية كان خلقا مطلقا، ولم يكن نسبا محققا، ولذلك لم يدخل تحت قوله: * (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) *، بنته من الزنى؛ لأنها ليست ببنت له في أصح القولين لعلمائنا، وأصح القولين في الدين، وإذا لم يكن نسب شرعا فلا صهر شرعا، فلا يحرم الزنى بنت أم، ولا أم بنت، وما يحرم من الحلال، لا يحرم من الحرام؛ لأن الله امتن بالنسب، والصهر على عباده ورفع قدرهما، وعلق الأحكام في الحل والحرمة عليهما، فلا يلحق الباطل بهما، ولا يساويهما، انتهى منه بواسطة نقل القرطبي عنه.
وقال القرطبي: اختلف الفقهاء في نكاح الرجل ابنته من زنى، أو أخته، أو بنت ابنه من زنى فحرم ذلك قوم منهم: ابن القاسم وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وأجاز ذلك آخرون، منهم: عبد الملك بن الماجشون، وهو قول الشافعي، وقد مضى هذا في (النساء) مجودا، انتهى منه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الخلاف في هذه المسألة مشهور معروف، وأرجح القولين دليلا فيما يظهر أن الزنى لا يحرم به حلال، فبنته من الزنى ليست بنتا له شرعا، وقد أجمع أهل العلم أنها لا تدخل في قوله تعالى: * (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) *، فالإجماع على أنها لا ترث، ولا تدخل في آيات
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»