أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٥٩
وثم كقوله:
هنا: * (أفمن حق) * وقوله: * (أفأنت تنقذ) *.
أما القول بأن الكلام جملة واحدة شرطية، كما قال الزمخشري: أصل الكلام: أمن حق عليه كلمة العذاب، فأنت تنقذه جملة شرطية، دخل عليها همزة الإنكار، والفاء فاء الجزاء، ثم دخلت الفاء التي في أولها للعطف على محذوف يدل عليه الخطاب، تقديره: أأنت مالك أمرهم، فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه، والهمزة الثانية هي الأولى كررت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد، ووضع من في النار موضع الضمير، فالآية على هذا جملة واحدة، فإنه لا يظهر كل الظهور.
واعلم أن ما دلت عليه هذه الآية الكريمة قد قدمنا إيضاحه بالآيات القرآنية في أول سورة يس في الكلام على قوله تعالى: * (لقد حق القول على أكثرهم) *، وبينا دلالة الآيات على المراد بكلمة العذاب. قوله تعالى: * (لاكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية) *. ما تضمنته هذه الآية الكريمة، من وعد أهل الجنة بالغرف المبنية، ذكره جل وعلا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى في سورة سبأ * (إلا من ءامن وعمل صالحا فأولائك لهم جزآء الضعف بما عملوا وهم فى الغرفات ءامنون) *. وقوله تعالى في سورة التوبة: * (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن) *. وقوله تعالى في سورة الصف: * (يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الا نهار ومساكن طيبة فى جنات عدن ذلك الفوز العظيم) *، لأن المساكن الطيبة المذكورة في التوبة والصف صادقة بالغرف المذكورة في الزمر وسبأ، وقد قدمنا طرفا من هذا في سورة الفرقان، في الكلام على قوله تعالى: * (أولائك يجزون الغرفة بما صبروا) *. قوله تعالى: * (ألم تر أن الله أنزل من السمآء مآء فسلكه ينابيع فى الا رض) *. الينابيع: جمع ينبوع، وهو الماء الكثير.
وقوله: فسلكه أي أدخله، كما قدمنا إيضاحه بشواهده العربية، والآيات القرآنية في سورة هود، في الكلام على قوله تعالى: * (قلنا احمل فيها من كل زوجين
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»