أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٩٥
. بين جل وعلا أن العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون غير مكتفين بتكذيبه، بل جامعين معه الاستهزاء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ما يأتيهم من رسول) *، نص صريح في تكذيب الأمم لجميع الرسل لما تقرر في الأصول، من أن النكرة في سياق النفي إذا زيدت قبلها * (من) *، فهي نص صريح في عموم النفي، كما هو معروف في محله.
وهذا العموم الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات أخر، وجاء في بعض الآيات إخراج أمة واحدة عن حكم هذا العموم بمخصص متصل، وهو الاستثناء.
فمن الآيات الموضحة لهذا العموم، قوله تعالى: * (وما أرسلنا فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون) *، وقوله تعالى: * (وكذلك ما أرسلنا من قبلك فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا ءاباءنا على أمة وإنا على) *، وقوله تعالى: * (وما أرسلنا فى قرية من نبى إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء) *، إلى قوله: * (فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) *.
وقد قدمنا الكلام على هذا في سورة (قد أفلح المؤمنون)، في الكلام على قوله تعالى: * (ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه) *.
وقدمنا طرفا من الكلام عليه في سورة (الأنعام)، في الكلام على قوله تعالى: * (وكذالك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) *.
وأماالأمة التي أخرجت من هذا العموم فهي أمة يونس، والآية التي بينت ذلك هي قوله تعالى: * (فلولا كانت قرية ءامنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحيواة الدنيا ومتعناهم) *، وقوله تعالى: * (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فئامنوا فمتعناهم إلى حين) *، والحسرة أشد الندامة، وهو منصوب على أنه منادى عامل في المجرور بعده، فأشبه المنادى المضاف.
والمعنى: * (خامدون ياحسرة على العباد) * تعالي واحضري فإن الاستهزاء بالرسل هو أعظم الموجبات لحضورك. * (وءاية لهم الا رض الميتة) *، إلى قوله: * (أفلا يشكرون) *) *.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»