أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٩٦
قد قدمنا أن إحياء الأرض المذكور في هذه الآية، برهان قاطع على البعث في سورة (البقرة)، في الكلام على قوله تعالى: * () *. قد قدمنا أن إحياء الأرض المذكور في هذه الآية، برهان قاطع على البعث في سورة (البقرة)، في الكلام على قوله تعالى: * (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) *. وفي سورة (النحل)، في الكلام على قوله تعالى: * (هو الذى أنزل من السماء مآء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون) *، وفي غير ذلك من المواضع. وأوضحنا في المواضع المذكورة، بقية براهين البعث بعد الموت.
* (وءاية لهم أنا حملنا ذريتهم فى الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون * وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون * إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين * وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون * وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين * وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين ءامنوا أنطعم من لو يشآء الله أطعمه إن أنتم إلا فى ضلال مبين * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون * فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون * ونفخ فى الصور فإذا هم من الا جداث إلى ربهم ينسلون * قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون * فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون * إن أصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون * هم وأزواجهم فى ظلال على الا رآئك متكئون * لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون * سلام قولا من رب رحيم * وامتازوا اليوم أيها المجرمون * ألم أعهد إليكم يابنىءادم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدونى هاذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * هاذه جهنم التى كنتم توعدون * اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون * اليوم نختم على أفواههم وتكلمنآ أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون * ولو نشآء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشآء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون * ومن نعمره ننكسه فى الخلق أفلا يعقلون * وما علمناه الشعر وما ينبغى له إن هو إلا ذكر وقرءان مبين * لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين * أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينآ أنعاما فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون * * (ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون * واتخذوا من دون الله ءالهة لعلهم ينصرون * لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند م حضرون * فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون * أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم م بين * وضرب لنا مثلا ونسى خلقه قال من يحى العظام وهى رميم * قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذى جعل لكم من الشجر الا خضر نارا فإذآ أنتم منه توقدون * أوليس الذى خلق السماوات والا رض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنمآ أمره إذآ أراد شيئا أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذى بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون) * * (وءاية لهم أنا حملنا ذريتهم فى الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (النحل)، في الكلام على قوله تعالى: * (وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا) *. * (وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) *. ذم جل وعلا في هذه الآية الكريمة الكفار بإعراضهم عن آيات الله.
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية، جاء في آيات أخر من كتاب الله؛ كقوله تعالى في أول سورة (الأنعام): * (وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين * فقد كذبوا بالحق لما جاءهم) *، وقوله تعالى في آخر (يوسف): * (وكأين من ءاية فى السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون) *، وقوله تعالى: * (اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا ءاية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) *، وقوله تعالى: * (وإذا ذكروا لا يذكرون * وإذا رأوا ءاية يستسخرون) *، وأصل الإعراض مشتق من العرض بالضم، وهو الجانب؛ لأن المعرض عن الشئ يوليه بجانب عنقه صادا عنه. * (ونفخ فى الصور فإذا هم من الا جداث إلى ربهم ينسلون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة النفخة الأخيرة، والصور قرن من نور ينفخ فيه الملك نفخة البعث، وهي النفخة الأخيرة، وإذا نفخها قام جميع أهل القبور من قبورهم، أحياء إلى الحساب والجزاء.
وقوله: * (فإذا هم من الاجداث) *، جمع جدث بفتحتين، وهو القبر، وقوله:
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»