أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٩٠
تعالى: * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) *، وقوله تعالى: * (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) *، إلى غير ذلك من الآيات.
واعلم أن قول من قال من أهل العلم: إن معنى قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (إنا جعلنا فى أعناقهم أغلالا) *، أن المراد بذلك الأغلال التي يعذبون بها في الآخرة؛ كقوله تعالى: * (إذ الاغلال فى أعناقهم والسلاسل يسحبون * فى الحميم ثم فى النار يسجرون) *، خلاف التحقيق، بل المراد بجعل الأغلال في أعناقهم، وما ذكر معه في الآية هو صرفهم عن الإيمان والهدى في دار الدنيا؛ كما أوضحنا. وقرأ هذا الحرف: حمزة، والكسائي، وحفص، عن عاصم: * (سدا) *، بالفتح في الموضعين، وقرأه الباقون بضم السين، ومعناهما واحد على الصواب، والعلم عند الله تعالى. * (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمان بالغيب) *. تقدم إيضاحه مع نظائره من الآيات في سورة (فاطر)، في الكلام على قوله تعالى: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة) *. * (إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وءاثارهم وكل شىء أحصيناه فى إمام مبين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أربعة أشياء:
الأول: أنه يحيي الموتى، مؤكدا ذلك متكلما عن نفسه بصيغة التعظيم.
الثاني: أنه يكتب ما قدموا في دار الدنيا.
الثالث: أنه يكتب آثارهم.
الرابع: أنه أحصى كل شئ * (فى إمام مبين) *، أي: في كتاب بين واضح، وهذه الأشياء الأربعة جاءت موضحة في غير هذا الموضع.
أما الأول منها وهو كونه يحيي الموتى بالبعث، فقد جاء في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، كقوله تعالى: * (قل بلى وربى لتبعثن) *، وقوله تعالى: * (قل إى وربى إنه لحق) *، وقوله تعالى: * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»