أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٩١
وقد قدمناها بكثرة في سورة (البقرة)، و سورة (النحل)، في الكلام على براهين البعث، وقدمنا الإحالة على ذلك مرارا.
وأما الثاني منها وهو كونه يكتب ما قدموا في دار الدنيا، فقد جاء في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: * (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) *، وقوله تعالى: * (هاذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) *، وقوله تعالى: * (وكل إنسان ألزمناه طئره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) *، وقوله تعالى: * (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا ياويلتنا ما لهاذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) *، وقوله تعالى: * (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) *. وقد قدمنا بعض الكلام على هذا في سورة (الكهف).
وأما الثالث منها وهو كونهم تكتب آثارهم، فقد ذكر في بعض الآيات أيضا.
واعلم أن قوله: * (وءاثارهم) *، فيه وجهان من التفسير معروفان عند العلماء.
الأول منهما: أن معنى * (ما قدموا) *: ما باشروا فعله في حياتهم، وأن معنى * (ءاثارهم) *: هو ما سنوه في الإسلام من سنة حسنة أو سيئة، فهو من آثارهم التي يعمل بها بعدهم.
الثاني: أن معنى * (ءاثارهم) *: خطاهم إلى المساجد ونحوها من فعل الخير، وكذلك خطاهم إلى الشر، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم)، يعني: خطاكم من بيوتكم إلى مسجده صلى الله عليه وسلم.
أما على القول الأول: فالله جل وعلا قد نص على أنهم يحملون أوزار من أضلوهم وسنوا لهم السنن السيئة؛ كما في قوله تعالى: * (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) *، وقوله تعالى: * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) *.
وقد أوضحنا ذلك في سورة (النحل)، في الكلام على قوله تعالى: * (ومن أوزار
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»