أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٠٦
والأظهر عندي: أنه مفعول فعل محذوف، تقديره: أعني * (الكواكب) *، على حد قوله في (الخلاصة): والأظهر عندي: أنه مفعول فعل محذوف، تقديره: أعني * (الكواكب) *، على حد قوله في (الخلاصة):
* ويحذف الناصبها إن علما * وقد يكون حذفه متلزما * وحفظا من كل شيطان مارد) * إلى قوله: * (شهاب ثاقب) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في الكلام على قوله تعالى: * (وحفظناها من كل شيطان رجيم * إلا من استرق السمع) *، في سورة (الحجر).
* (فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنآ إنا خلقناهم من طين لازب * بل عجبت ويسخرون * وإذا ذكروا لا يذكرون * وإذا رأوا ءاية يستسخرون * وقالوا إن هاذآ إلا سحر مبين * أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون * أو ءابآؤنا الا ولون * قل نعم وأنتم داخرون * فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون * وقالوا ياويلنا هاذا يوم الدين * هاذا يوم الفصل الذى كنتم به تكذبون * احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم * وقفوهم إنهم مسئولون * ما لكم لا تناصرون * بل هم اليوم مستسلمون * وأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون * قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين * قالوا بل لم تكونوا مؤمنين * وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين * فحق علينا قول ربنآ إنا لذآئقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين * فإنهم يومئذ فى العذاب مشتركون * إنا كذلك نفعل بالمجرمين * إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إلاه إلا الله يستكبرون) * * (فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنآ إنا خلقناهم من طين لازب) *. ذكر في هذه الآية الكريمة برهانين من براهين البعث، التي قدمنا أنها يكثر في القرءان العظيم الاستدلال بها على البعث.
الأول: هو المراد بقوله: * (فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا) *، لأن معنى: * (فاستفتهم) *، استخبرهم والأصل في معناه: اطلب منهم الفتوى، وهي الإخبار بالواقع فيما تسألهم عنه * (أهم أشد خلقا) *، أي: أصعب إيجادا واختراعا، * (أم من خلقنا) * من المخلوقات التي هي أعظم وأكبر منهم، وهي ما تقدم ذكره من الملائكة المعبر عن جماعاتهم بالصافات، والزاجرات، والتاليات، والسماوات والأرض، والشمس والقمر، ومردة الشياطين؛ كما ذكر ذلك كله في قوله تعالى: * (رب * السماوات والارض وما بينهما ورب المشارق إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد) *.
وجواب الاستفتاء المذكور الذي لا جواب له غيره، هو أن يقال: من خلقت يا ربنا من الملائكة، ومردة الجن، والسماوات والأرض، والمشارق، والمغارب، والكواكب، أشد خلقا منا؛ لأنها مخلوقات عظام أكبر وأعظم منا، فيتضح بذلك البرهان القاطع على قدرته جل وعلا على البعث بعد الموت؛ لأن من المعلوم بالضرورة أن من خلق الأعظم الأكبر كالسماوات والأرض، وما ذكر معهما قادر على أن يخلق الأصغر الأقل؛ كما قال تعالى: * (لخلق السماوات والارض أكبر من خلق الناس) *، أي: ومن قدر
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»