أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٥٨
ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * فأامن له لوط وقال إنى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وءاتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى لا خرة لمن الصالحين * ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين * قال رب انصرنى على القوم المفسدين * ولما جآءت رسلنآ إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هاذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين * قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين * ولمآ أن جآءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين * إنا منزلون على أهل هاذه القرية رجزا من السمآء بما كانوا يفسقون * ولقد تركنا منهآ ءاية بينة لقوم يعقلون) * * (وقال الذين كفروا للذين ءامنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم) *، إلى قوله: * (وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له، زيادة إيضاحها من السنة الصحيحة في سورة (النحل)، في الكلام على قوله تعالى: * (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يزرون) *. * (فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناهآ ءاية للعالمين) *. تقدم إيضاحه في (هود) وغيرها.
وقوله تعالى هنا: * (وجعلناها ءاية للعالمين) *، يعني سفينة نوح؛ كقوله تعالى: * (وءاية لهم أنا حملنا ذريتهم فى الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) *، ونحو ذلك من الآيات. * (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه) *.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (النحل)، في الكلام على قوله تعالى: * (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والارض شيئا ولا يستطيعون) *، وفي (سورة الفرقان). * (وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحيواة الدنيا) * إلى قوله * (وما لكم من ناصرين) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (الأعراف)، في الكلام على قوله تعالى: * (حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لاولاهم ربنا هؤلاء أضلونا) *، وفي سورة (الفرقان) وغير ذلك. * (وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب) *. الضمير في قوله: * (ذريته) *، راجع إلى إبراهيم.
والمعنى: أن الأنبياء والمرسلين الذين أنزلت عليهم الكتب بعد إبراهيم كلهم من ذرية إبراهيم، وما ذكره هنا عن إبراهيم ذكر في سورة (الحديد): أن نوحا مشترك معه فيه، وذلك واضح لأن إبراهيم من ذرية نوح، مع أن بعض الأنبياء من ذرية نوح دون إبراهيم؛ وذلك في قوله تعالى: * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا فى ذريتهما النبوة والكتاب) *. * (وءاتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى لا خرة لمن الصالحين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه آتى إبراهيم أجره، أي: جزاء عمله في الدنيا، وإنه في الآخرة أيضا من الصالحين.
وقال بعض أهل العلم: المراد بأجره في الدنيا: الثناء الحسن عليه في دار الدنيا من جميع أهل الملل على اختلافهم إلى كفار ومؤمنين، والثناء الحسن المذكور هو لسان الصدق، في قوله: * (واجعل لى لسان صدق فى الاخرين) *، وقوله تعالى: * (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) *، وقوله: * (وإنه فى الاخرة لمن الصالحين) *، لا يخفى أن الصلاح في الدنيا يظهر بالأعمال الحسنة، وسائر الطاعات، وأنه في الآخرة يظهر بالجزاء الحسن، وقد أثنى الله في هذه الآية الكريمة على نبيه إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقد أثنى على إبراهيم أيضا في آيات أخر؛ كقوله تعالى: * (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما) *، وقوله تعالى: * (وإبراهيم * الذى وفى) *، وقوله تعالى: * (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين * شاكرا لانعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم * وءاتيناه فى
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»