أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٤٧
(مريم)، في الكلام على قوله تعالى: * (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت) *. * (ومن جآء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) *. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: وقال ابن مسعود، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وأبو وائل، وأبو صالح، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، والزهري، والسدي، والضحاك، والحسن، وقتادة، وابن زيد، في قوله تعالى: * (ومن جاء بالسيئة) *، يعني: الشرك.
وهذه الآية الكريمة تضمنت أمرين:
الأول: أن من جاء ربه يوم القيامة بالسيئة كالشرك يكب وجهه في النار.
والثاني: أن السيئة إنما تجزى بمثلها من غير زيادة، وهذان الأمران جاءا موضحين في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى في الأول منهما: * (إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى) *، وكقوله تعالى في الثاني منهما: * (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) *، وقوله تعالى: * (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون) *، وقوله تعالى: * (جزاء وفاقا) *.
وإذا علمت أن السيئات لا تضاعف، فاعلم أن السيئة قد تعظم فيعظم جزاؤها بسبب حرمة المكان؛ كقوله تعالى: * (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) *، أو حرمة الزمان؛ كقوله تعالى في الأشهر الحرام: * (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) *.
وقد دلت آيات من كتاب الله أن العذاب يعظم بسبب عظم الإنسان المخالف؛ كقوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم: * (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحيواة وضعف الممات) *، وقوله تعالى: * (ولو تقول علينا بعض الاقاويل *
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»