أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٥٣
وإذا علمت مرادهم بما ذكر، فاعلم أن التحقيق إن شاء الله هو ما قدمنا، وقد أوضحنا في رسالتنا المسماة (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز)، أن التحقيق أن القرءان لا مجاز فيه، وأوضحنا ذلك بالأدلة الواضحة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) *، أي: مرتكبين الخطيئة التي هي الذنب العظيم؛ كقوله تعالى: * (مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا) *، وقوله تعالى: * (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) *.
ومن إطلاق الخاطىء على المذنب العاصي، قوله تعالى: * (ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون) *، وقوله تعالى: * (ناصية كاذبة خاطئة) *، وقوله: * (إنك كنت من الخاطئين) *، والعلم عند الله تعالى. * (قال لاهله امكثوا إنىءانست نارا) *. قد قدمنا إيضاحه بالآيات القرآنية في سورة (مريم).
واعلم أنا ربما تركنا كثيرا من الآيات التي تقدم إيضاحها من غير إحالة عليها، لكثرة ما تقدم إيضاحه.
* (وأتبعناهم فى هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين * ولقد ءاتينا موسى الكتاب من بعد مآ أهلكنا القرون الا ولى بصآئر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون * وما كنت بجانب الغربى إذ قضينآ إلى موسى الا مر وما كنت من الشاهدين * ولكنآ أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا فى أهل مدين تتلو عليهم ءاياتنا ولكنا كنا مرسلين * وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولاكن رحمة من ربك لتنذر قوما مآ أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون * ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك ونكون من المؤمنين * فلما جآءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتى مثل مآ أوتى موسى أولم يكفروا بمآ أوتى موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون * قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهمآ أتبعه إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوآءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين * ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون * الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنآ إنا كنا من قبله مسلمين * أولائك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤن بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون * وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنآ أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين * إنك لا تهدى من أحببت ولاكن الله يهدى من يشآء وهو أعلم بالمهتدين * وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنآ أولم نمكن لهم حرما ءامنا يجبى إليه ثمرات كل شىء رزقا من لدنا ولاكن أكثرهم لا يعلمون * وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين * وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث فى أمها رسولا يتلو عليهم ءاياتنا وما كنا مهلكى القرى إلا وأهلها ظالمون * ومآ أوتيتم من شىء فمتاع الحيواة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون * أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحيواة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين * ويوم يناديهم فيقول أين شركآئى الذين كنتم تزعمون * قال الذين حق عليهم القول ربنا هاؤلاء الذين أغوينآ أغويناهم كما غوينا تبرأنآ إليك ما كانوا إيانا يعبدون * وقيل ادعوا شركآءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون * ويوم يناديهم فيقول ماذآ أجبتم المرسلين * فعميت عليهم الا نبآء يومئذ فهم لا يتسآءلون * فأما من تاب وءامن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين * وربك يخلق ما يشآء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون * وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون * وهو الله لا إلاه إلا هو له الحمد فى الا ولى والا خرة وله الحكم وإليه ترجعون * قل أرأيتم إن جعل الله عليكم اليل سرمدا إلى يوم القيامة من إلاه غير الله يأتيكم بضيآء أفلا تسمعون * قل أرءيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إلاه غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون * ومن رحمته جعل لكم اليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * ويوم يناديهم فيقول أين شركآئي الذين كنتم تزعمون * ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون * إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وءاتيناه من الكنوز مآ إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين * وابتغ فيمآ ءاتاك الله الدار الا خرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كمآ أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد فى الا رض إن الله لا يحب المفسدين * قال إنمآ أوتيته على علم عندى أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون * فخرج على قومه فى زينته قال الذين يريدون الحيواة الدنيا ياليت لنا مثل مآ أوتى قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا ولا يلقاهآ إلا الصابرون * فخسفنا به وبداره الا رض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين تمنوا مكانه بالا مس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون * تلك الدار الا خرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الا رض ولا فسادا والعاقبة للمتقين * من جآء بالحسنة فله خير منها ومن جآء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون * إن الذى فرض عليك القرءان لرآدك إلى معاد قل ربى أعلم من جآء بالهدى ومن هو فى ضلال مبين * وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين * ولا يصدنك عن ءايات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين * ولا تدع مع الله إلاها ءاخر لا إلاه إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) * * (وأتبعناهم فى هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) *. ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من اتباعه اللعنة لفرعون وجنوده، بينه أيضا في سورة (هود)، بقوله فيهم: * (وأتبعوا فى هاذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) *، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (من المقبوحين) *، قال الزمخشري:
أي من المطرودين المبعدين، ولا يخفى أن المقبوحين اسم مفعول، قبحه إذا صبره قبيحا، والعلم عند الله تعالى. * (إنك لا تهدى من أحببت ولاكن الله يهدى من يشآء وهو أعلم بالمهتدين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يهدي من أحب هدايته، ولكنه جل
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»