وقوله تعالى: * (أمن خلق السماوات والا رض وأنزل لكم من السمآء مآء فأنبتنا به حدآئق ذات بهجة ما) *. وقوله تعالى: * (أمن جعل الا رض قرارا وجعل خلالهآ أنهارا) *. قد أوضحنا ما تضمنته من البراهين على البعث في أول سورة (البقرة)، وأول سورة (النحل). قوله تعالى: * (قل لا يعلم من فى السماوات والا رض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (الأنعام)، في الكلام على قوله تعالى: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) *، وفي مواضع أخر. قوله تعالى: * (بل ادارك علمهم فى الا خرة بل هم فى شك منها بل هم منها عمون) *. أظهر أقوال أهل العلم عندي في هذه الآية الكريمة أن المعنى: * (بل ادرك علمهم) *، أي: تكامل علمهم في الآخرة حين يعاينونها، أي: يعلمون في الآخرة علما كاملا، ما كانوا يجهلونه في الدنيا، وقوله: * (بل هم فى شك منها بل هم منها عمون) *، أي: في دار الدنيا، فهذا الذي كانوا يشكون فيه في دار الدنيا، ويعمون عنه مما جاءتهم به الرسل، يعلمونه في الآخرة علما كاملا لا يخالجه شك، عند معاينتهم لما كانوا ينكرونه منه البعث والجزاء.
وإنما اخترنا هذا القول دون غيره من أقوال المفسرين في الآية، لأن القرءان دل عليه دلالة واضحة في آيات متعددة؛ كقوله تعالى: * (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لاكن الظالمون اليوم فى ضلال مبين) *، فقوله: * (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا) *، بمعنى: ما أسمعهم وما أبصرهم للحق الذي كانوا ينكرونه يوم يأتوننا، أي: يوم القيامة، وهذا يوضح معنى قوله: * (بل ادرك علمهم فى الاخرة) *، أي: تكامل علمهم فيها لمبالغتهم في سمع الحق وإبصاره في ذلك الوقت، وقوله: * (لاكن الظالمون اليوم فى ضلال مبين) *، يوضح معنى قوله: * (بل هم فى شك منها بل هم منها عمون) *، لأن ضلالهم المبين اليوم، أي: في دار الدنيا، هو شكهم في الآخرة، وعماهم