مواضع من كتابه؛ كقوله في سورة (هود): * (فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين ءامنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ إن ربك هو القوى العزيز وأخذ) *. وآية (هود) هذه، قد بينت أيضا التدمير المجمل في آية (النمل) هذه، فالتدمير المذكور في قوله تعالى: * (أنا دمرناهم وقومهم أجمعين) *، بينت آية (هود) أنه الإهلاك بالصيحة، في قوله تعالى: * (وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين) *، أي: وهم موتى. وأما كونه جعل إهلاكه إياهم أية، فقد أوضحه أيضا في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى فيهم: * (فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب إن فى ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) *، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (أنا دمرناهم وقومهم أجمعين) *، قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: * (أنا دمرناهم) * بكسرة همزة * (أنا) * على الاستئناف، وقرأه الكوفيون وهم: عاصم وحمزة والكسائي: * (أنا دمرناهم) *، بفتح همزة * (أنا) *. وفي إعراب المصدر المنسبك من أن وصلتها على قراءة الكوفيين أوجه، منها: أنه بدل من عاقبة مكرهم، ومنها: أنه خبر مبتدأ محذوف، وتقديره هي، أي: عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم.
وهذان الوجهان هما أقرب الأوجه عندي للصواب، ولذا تركنا غيرهما من الأوجه، والضمير في قوله: * (مكرهم) *، وفي قوله: * (دمرناهم) *، راجع إلى التسعة المذكورين في قوله: * (وكان فى المدينة تسعة رهط) *، وقوله: * (خاوية) * حال في بيوتهم، والعامل فيه الإشارة الكامنة في معنى تلك. قوله تعالى: * (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) * إلى قوله تعالى * (فسآء مطر المنذرين) *. قد قدمنا الآيات التي فيها إيضاح قصة لوط وقومه في سورة (هود)، في الكلام على قصة لوط وقومه، وبينا هناك كلام أهل العلم ومناقشة أدلتهم في عقوبة فاعل فاحشة اللواط، وذكرنا الآيات المبينة لها أيضا في سورة (الحجر)، في الكلام على قصة لوط وقومه، وذكرنا بعض ذلك في سورة (الفرقان).