تختبرون. وقال بعضهم: تعذبون؛ كقوله: * (يوم هم على النار يفتنون) *، وقد قدمنا أن أصل الفتنة في اللغة، وضع الذهب في النار ليختبر بالسبك أزائف هو أم خالص؟ وأنها أطلقت في القرءان على أربعة معان:
الأول: إطلاقها على الإحراق بالنار؛ كقوله تعالى: * (يوم هم على النار يفتنون) *، وقوله تعالى: * (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) *، أي: حرقوهم بنار الأخدود على أحد التفسيرين، وقد اختاره بعض المحققين..
المعنى الثاني: إطلاق الفتنة على الاختبار، وهذا هو أكثرها استعمالا؛ كقوله تعالى: * (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) *، وقوله تعالى: * (وألو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا * لنفتنهم فيه) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
الثالث: إطلاق الفتنة على نتيجة الاختبار إن كانت سيئة خاصة، ومن هنا أطلقت الفتنة على الكفر والضلال؛ كقوله تعالى: * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) *، أي: لا يبقى شرك، وهذا التفسير الصحيح، دل عليه الكتاب والسنة.
أما الكتاب، فقد دل عليه قوله بعده في (البقرة): * (ويكون الدين لله) *، وفي (الأنفال): * (ويكون الدين كله لله) *، فإنه يوضح أن معنى: * (لا تكون فتنة) *، أي: لا يبقى شرك؛ لأن الدين لا يكون كله لله، ما دام في الأرض شرك، كما ترى.
وأما السنة: ففي قوله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إلاه إلا الله)، الحديث. فقد جعل صلى الله عليه وسلم الغاية التي ينتهي إليها قتاله للناس، هي شهادة ألا إلاه إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو واضح في أن معنى: * (لا تكون فتنة) *: لا يبقى شرك، فالآية والحديث كلاهما دال على أن الغاية التي ينتهي إليها قتال الكفاء هي ألا يبقى في الأرض شرك، إلا أنه تعالى في الآية عبر عن هذا المعنى بقوله: * (حتى تكون فتنة) *، وقد عبر صلى الله عليه وسلم عنه بقوله: (حتى يشهدوا ألا إلاه إلا الله)، فالغاية في الآية والحديث واحدة في المعنى، كما ترى.
الرابع: هو إطلاق الفتنة على الحجة، في قوله تعالى: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن