و * (عمون) * جمع عم، وهو الوصف من عمى يعمي فهو أعمى وعم، ومنه قوله تعالى: * (إنهم كانوا قوما عمين) *، وقول زهير في معلقته: قال البغوي: أي بلغ ولحق، كما يقال: أدرك علمي إذا لحقه وبلغه، والإضراب في قوله تعالى: * (بل ادرك) *، * (بل هم فى شك) *، * (بل هم منها عمون) *، إضراب انتقالي، والظاهر أن من في قوله تعالى: * (بل هم منها عمون) *، بمعنى: عن، و * (عمون) * جمع عم، وهو الوصف من عمى يعمي فهو أعمى وعم، ومنه قوله تعالى: * (إنهم كانوا قوما عمين) *، وقول زهير في معلقته:
* وأعلم علم اليوم والأمس قبله * ولكنني عن علم ما في غدعم * إن هاذا القرءان يقص على بنى إسراءيل أكثر الذى هم فيه يختلفون) *. ومن ذلك اختلافهم في عيسى، فقد قدمنا في سورة (مريم)، ادعاءهم على أمه الفاحشة، مع أن طائفة منهم آمنت به؛ كما يشير إليه قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا كونوا يأيها الذين ءامنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن) *، والطائفة التي آمنت قالت الحق في عيسى، والتي كفرت افترت عليه وعلى أمه، كما تقدم إيضاحه في سورة (مريم).
وقد قص الله عليهم في سورة (مريم) و سورة (النساء) وغيرهما، حقيقة عيسى ابن مريم، وهي أنه * (عبد الله) * ورسوله * (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) *، ولما بين لهم حقيقة أمره مفصلة في سورة (مريم)، قال: * (ذالك عيسى ابن مريم قول الحق الذى فيه يمترون) *، وذلك يبين بعض ما دل عليه قوله تعالى هنا: * (إن هاذا القرءان يقص على بنى إسراءيل أكثر الذى هم فيه يختلفون) *. قوله تعالى: * (وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في أول سورة (الكهف)، في الكلام على قوله تعالى: * (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب) *.
* (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعآء إذا ولوا مدبرين * ومآ أنت بهادى العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بأاياتنا فهم مسلمون * وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الا رض تكلمهم أن الناس كانوا بأاياتنا لا يوقنون * ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بأاياتنا فهم يوزعون * حتى إذا جآءوا قال أكذبتم بأاياتى ولم تحيطوا بها علما أما ذا كنتم تعملون * ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون * ألم يروا أنا جعلنا اليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لايات لقوم يؤمنون * ويوم ينفخ فى الصور ففزع من فى السماوات ومن فى الا رض إلا من شآء الله وكل أتوه داخرين * وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذى أتقن كل شىء إنه خبير بما تفعلون * من جآء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ ءامنون * ومن جآء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون * إنمآ أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذى حرمها وله كل شىء وأمرت أن أكون من المسلمين * وأن أتلو القرءان فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل إنمآ أنا من المنذرين * وقل الحمد لله سيريكم ءاياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون) * قوله تعالى: * (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعآء إذا ولوا مدبرين) *. اعلم أن التحقيق الذي دلت عليه القرائن القرءانية واستقراء القرءان، أن معنى قوله: * (إنك لا تسمع الموتى) *، لا يصح فيه من أقوال العلماء، إلا تفسيران:
الأول: أن المعنى: * (إنك لا تسمع الموتى) *، أي: لا تسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم، وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه إسماع هدى وانتفاع؛ لأن الله كتب عليهم الشقاء، فختم على قلوبهم، وعلى سمعهم، وجعل على قلوبهم الأكنة، وفي آذانهم الوقر،