أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١١٧
* (قال ياقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة (الرعد)، في الكلام على قوله تعالى: * (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات) *. * (قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون) *. قوله: * (اطيرنا بك) *، أي: تشاءمنا بك، وكان قوم صالح إذا نزل بهم قحط أو بلاء أو مصائب، قالوا: ما حاءنا هذا إلا من شؤم صالح، ومن آمن به. والتطير: التشاؤم، وأصل اشتقاقه من التشاؤم بزجر الطير.
وقد بينا كيفية التشاؤم والتيامن بالطير في سورة (الأنعام)، في الكلام على قوله تعالى: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) *، وقوله تعالى: * (قال طائركم عند الله) *، قال بعض أهل العلم: أي سببكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله، فالشر الذي أصابكم بذنوبكم لا بشؤم صالح، ومن آمن به من قومه.
وقد قدمنا معنى طائر الإنسان في سورة (بني إسرائيل)، في الكلام على قوله تعالى: * (وكل إنسان ألزمناه طئره فى عنقه) *، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من تشاؤم الكفار بصالح ومن معه من المؤمنين، جاء مثله موضحا في آيات أخر من كتاب الله؛ كقوله تعالى في تشاؤم فرعون وقومه بموسى: * (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هاذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولاكن) *، وقوله تعالى في تطير كفار قريش بنبينا صلى الله عليه وسلم: * (وإن تصبهم حسنة يقولوا هاذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هاذه من عندك قل كل من عند) *، والحسنة في الآيتين: النعمة كالرزق والخصب والعافية، والسيئة: المصيبة بالجدب والقحط، ونقص الأموال، والأنفس، والثمرات؛ وكقوله تعالى: * (قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم * قالوا طائركم معكم) *، أي: بليتكم جاءتكم من ذنوبكم وكفركم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (بل أنتم قوم تفتنون) *، قال بعض العلماء:
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»