أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٣٣
أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم). وقد انكشف لكثير من الناس ذلك حتى سمعوا صوت المعذبين في قبورهم، ورأوهم بعيونهم يعذبون في قبورهم في آثار كثيرة معروفة، ولكن لا يجب أن يكون دائما على البدن في كل وقت، بل يجوز أن يكون في حال.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم، فقال: (يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة ا أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا)، فسمع عمر رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللها كيف يسمعون وقد جيفوا؟ فقال: (والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا)، ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر، وقد أخرجاه في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر، فقال: (هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا)؟ وقال: (إنهم ليسمعون الآن ما أقول)، فذكر ذلك لعائشة فقالت: وهم ابن عمر، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنهم ليعلمون الآن أن الذي قلت لهم هو الحق)، ثم قرأت قوله تعالى: * (إنك لا تسمع الموتى) *، حتى قرأت الآية.
وأهل العلم بالحديث اتفقوا على صحة ما رواه أنس وابن عمر، وإن كانا لم يشهدا بدرا، فإن أنسا روى ذلك عن أبي طلحة، وأبو طلحة شهد بدرا كما روى أبو حاتم في صحيحه، عن أنس، عن أبي طلحة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر، وكان إذا ظهر على قوم أحب أن يقيم في عرصتهم ثلاث ليال، فلما كان اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها فحركها، ثم مشى وتبعه أصحابه، وقالوا: ما نراه ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفاء الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: (يا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا)، قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تكلم من أجساد ولا أرواح فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)، قال قتادة: أحياهم الله
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»