بعد اللام الأولى، وضم اللام الثانية، وقرأ عاصم: * (شهدنا مهلك أهله) * بفتح الميم، والباقون بضمها، وقرأ حفص عن عاصم: * (مهلك) * بكسر اللام، والباقون بفتحها.
فتحصل أن حفصا عن عاصم قرأ * (مهلك) * بفتح الميم وكسر اللام، وأن أبا بكر أعني شعبة قرأ عن عاصم: * (مهلك) * بفتح الميم واللام، وأن غير عاصم قرأ: * (مهلك أهله) *، بضم الميم وفتح اللام، فعلى قراءة من قرأ * (مهلك) * بفتح الميم، فهو مصدر ميمي من هلك الثلاثي، ويحتمل أن يكون اسم زمان أو مكان، وعلى قراءة من قرأ * (مهلك) * بضم الميم، فهو مصدر ميمي من أهلك الرباعي، ويحتمل أن يكون أيضا اسم مكان أو زمان. قوله تعالى: * (فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذالك لاية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآيات الكريمة، ثلاث أمور:
الأول: أنه دمر جميع قوم صالح، ومن جملتهم تسعة رهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وذلك في قوله: * (أنا دمرناهم وقومهم أجمعين) *، أي: وهم قوم صالح ثمود، * (فتلك بيوتهم خاوية) *، أي: خالية من السكان لهلاك جميع أهلها، * (بما ظلموا) *، أي: بسبب ظلمهم الذي هو كفرهم وتمردهم وقتلهم ناقة الله التي جعلها آية لهم، وقال بعضهم: * (خاوية) *، أي: ساقطا أعلاها على أسفلها.
الثاني: أنه جل وعلا جعل إهلاكه قوم صالح آية، أي: عبرة يتعظ بها من بعدهم، فيحذر من الكفر، وتكذيب الرسل، لئلا ينزل به ما نزل بهم من التدمير، وذلك في قوله: * (إن فى ذالك لاية لقوم يعلمون) *.
الثالث: أنه تعالى أنجى الذين آمنوا وكانوا يتقون من الهلاك والعذاب، وهو نبي الله صالح ومن آمن به من قومه، وذلك في قوله تعالى: * (وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *، وهذه الأمور الثلاثة التي ذكرها جل وعلا هنا، جاءت موضحة في آيات أخر.
أما إنجاؤه نبيه صالحا، ومن آمن به وإهلاكه ثمود، فقد أوضحه جل وعلا في