أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ١٢٠
بعد اللام الأولى، وضم اللام الثانية، وقرأ عاصم: * (شهدنا مهلك أهله) * بفتح الميم، والباقون بضمها، وقرأ حفص عن عاصم: * (مهلك) * بكسر اللام، والباقون بفتحها.
فتحصل أن حفصا عن عاصم قرأ * (مهلك) * بفتح الميم وكسر اللام، وأن أبا بكر أعني شعبة قرأ عن عاصم: * (مهلك) * بفتح الميم واللام، وأن غير عاصم قرأ: * (مهلك أهله) *، بضم الميم وفتح اللام، فعلى قراءة من قرأ * (مهلك) * بفتح الميم، فهو مصدر ميمي من هلك الثلاثي، ويحتمل أن يكون اسم زمان أو مكان، وعلى قراءة من قرأ * (مهلك) * بضم الميم، فهو مصدر ميمي من أهلك الرباعي، ويحتمل أن يكون أيضا اسم مكان أو زمان. قوله تعالى: * (فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذالك لاية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآيات الكريمة، ثلاث أمور:
الأول: أنه دمر جميع قوم صالح، ومن جملتهم تسعة رهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وذلك في قوله: * (أنا دمرناهم وقومهم أجمعين) *، أي: وهم قوم صالح ثمود، * (فتلك بيوتهم خاوية) *، أي: خالية من السكان لهلاك جميع أهلها، * (بما ظلموا) *، أي: بسبب ظلمهم الذي هو كفرهم وتمردهم وقتلهم ناقة الله التي جعلها آية لهم، وقال بعضهم: * (خاوية) *، أي: ساقطا أعلاها على أسفلها.
الثاني: أنه جل وعلا جعل إهلاكه قوم صالح آية، أي: عبرة يتعظ بها من بعدهم، فيحذر من الكفر، وتكذيب الرسل، لئلا ينزل به ما نزل بهم من التدمير، وذلك في قوله: * (إن فى ذالك لاية لقوم يعلمون) *.
الثالث: أنه تعالى أنجى الذين آمنوا وكانوا يتقون من الهلاك والعذاب، وهو نبي الله صالح ومن آمن به من قومه، وذلك في قوله تعالى: * (وأنجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *، وهذه الأمور الثلاثة التي ذكرها جل وعلا هنا، جاءت موضحة في آيات أخر.
أما إنجاؤه نبيه صالحا، ومن آمن به وإهلاكه ثمود، فقد أوضحه جل وعلا في
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»