أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٨٨
قال مالك، والأوزاعي، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور.
وقال أبو حنيقة: لا أقبل بينة على زنى قديم وأحده بالإقرار به، وهذا قول ابن حامد، وذكره ابن أبي موسى مذهبا لأحمد، اه منه.
أما قبول الإقرار بالزنا القديم ووجوب الحد به فلا وجه للعدول عنه بحال؛ لأنه مقر على نفسه، ولا يتهم في نفسه.
وأما شهادة البينة بزنا قديم، فالأظهر قبولها، لعموم النصوص كما ذكرنا آنفا. وحجة أبي حنيفة، ومن وافقه في رد شهادة البينة على زنا قديم، هو أن تأخير الشهادة، يدل على التهمة فيدرأ ذلك الحد.
وقال في (المغني): ومن حجتهم على ذلك ما روي عن عمر، أنه قال: أيما شهود شهدوا بحد لم يشهدوا بحضرته فهم شهود ضغن، ثم قال: رواه الحسن مرسلا، ومراسيل الحسن ليست بالقوية، اه منه.
وقد قدمنا الكلام مستوفى على مراسيل الحسن، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الرابع: اعلم أنه إن أقر بأنه زنى بامرأة وسماها فكذبته، وقالت: إنه لم يزن بها.
فأظهر أقوال أهل العلم عندي: أنه يجب عليه حد الزنى بإقراره، وحد القذف أيضا؛ لأنه قذف المرأة بالزنا ولم يأت بأربعة شهود فوجب عليه حد القذف.
وقال في (المغني): وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: لا حد عليه، لأنا صدقناها في إنكارها فصار محكوما بكذبه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: وجوب الحد عليه بإقراره لا ينبغي العدول عنه، ولا يمكن أن يصح خلافه لأمرين:
الأول: أنه أقر على نفسه بالزنا إقرارا صحيحا، وقولهم إننا صدقناها ليس بصحيح، بل نحن لم نصدقها، ولم نقل إنها صادقة، ولكن انتفاء الحد عنها إنما وقع لأنها لم تقر، ولم تقم عليها بينة؛ فعدم حدها لانتفاء مقتضيه، لا لأنها صادقة كما ترى.
الأمر الثاني: ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا طلق بن غنام،
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 387 387 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»