الفرع الأول: اعلم أن الذين قالوا: بوجوب الحد بالحمل قالوا: إن تلك الحامل إن كانت طارئة من بلاد أخرى، وادعت أن حملها من زوج لها تركته في بلدها فلا حد عليها عندهم، ولا يثبت عليها الزنا بذلك الحمل.
الفرع الثاني: اعلم أنه إن ظهر بها حمل فادعت أنها مكرهة لا يقبل دعواها الإكراه عند من يثبت الزنا بالحمل إلا إذا اعتضدت دعواها بما يقويها من القرائن كإتيانها صارخة مستغيثة ممن فعل بها ذلك، وكأن تأتي متعلقة برجل تزعم أنه هو الذي أكرهها وكأن تشتكي من الذي فعل بها ذلك قبل ظهور الحمل.
وقال بعض علماء المالكية: إن كانت شكواها من الرجل الذي فعل بها ذلك مشبهة لكون الرجل الذي ادعت عليه غير معروف بالصلاح، فلا حد عليها، وإن كان الذي ادعت عليه معروفا بالصلاح، والعفاف، والتقوى حدث ولم يقبل قولها عليه.
وقال بعض المالكية: إن لم تسم الرجل الذي ادعت أنه أكرهها تعزر، ولا تحد إن كانت معروفة بالصلاح والعفاف.
الفرع الثالث: قال الشيخ الحطاب في شرحه لقول خليل في مختصره المالكي: أو مكرهة، ما نصه: قال في الطراز أو في أواخر الجزء الثالث في ترجمة تفسير الطلاق، وما يلزم من ألفاظه، قال ابن عبد الغفور: ويقال إن عبد الله بن عيسى سئل عن جارية بكر زوجها فابتنى بها زوجها فأتت بولد لأربعة أشهر، فذكر ذلك لها فقالت: إني كنت نائمة فانتهبت لبلل بين فخدي، وذكر الزوج أنه وجدها عذراء.
فأجاب فيها: أنها لا حد عليها إذا كانت معروفة بالعفاف، وحسن الحال، ويفسخ النكاح، ولها المهر كاملا، إلا أن تكون علمت الحمل، وغرت فلها قدر ما استحل منها، انتهى من الاستغناء، انتهى كلام الطراز، انتهى ما نقله الحطاب، وهو يؤيد أن الحمل قد يقع من غير وطء يوجب الحد كما ذكرنا، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الرابعة: اعلم أن من ثبت عليه الزنا وهو محصن، اختلف أهل العلم فيه، فقال بعضهم: يجلد مائة جلدة أولا ثم يرجم بعد ذلك، فيجمع له بين الجلد والرجم، وقال بعضهم: يرجم فقط ولا يجلد؛ لأن غير القتل يندرج في القتل، وممن قال بالجمع بينهما علي رضي الله عنه، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد. قال ابن قدامة في