أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٧٠
الألف من * (تخشى) * على حد قوله في الخلاصة: واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون) * إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا طرفا من ذلك في سورة (البقرة) والقصة معروفة واضحة من القرآن العظيم. وقرأ نافع وابن كثير * (أن أسر) * بهمزة وصل وكسر نون * (ءان) * لالتقاء الساكنين والباقون قرؤوا * (أن أسر) * بهمزة قطع مفتوحة مع إسكان نون (أن) وقد قدمنا في سورة (هود) أن أسري وسرى لغتان وبينا شواهد ذلك العربية. وقرأ حمزة * (لا تخف) * بسكون الفاء بدون ألف بين الخاء والفاء، وهو مجزوم لأنه جزاء الطلب، أي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخف. وقد قدمنا أن نحو ذلك من الجزم بشرط محذوف تدل عليه صيغة الطلب، أي أن تضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخف. وعلى قراءة الجمهور (لا تخاف) بالرفع، فلا إشكال في قوله * (ولا) * لأنه فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف، معطوف على فعل مضارع مرفوع هو قوله: * (يبسا لا تخاف) *. وأما على قراءة حمزة * (لا تخف) * بالجزم ففي قوله * (ولا تخشى) * إشكال معروف، وهو أنه معطوف على مضارع مجزوم، وذلك يقتضي جزمه، ولو جزم لحذفت الألف من * (تخشى) * على حد قوله في الخلاصة:
* والرفع فيهما انو واحذف جازما * ثلاثهن تقض حكما لازما * والألف لم تحذف فوقع الإشكال بسبب ذلك.
وأحب عنه من ثلاثة أوجه:
الأول أن * (ولا تخشى) * مستأنف خبر مبتدأ محذوف، تقديره: وأنت لا تخشى، أي ومن شأنك أنك آمن لا تخشى.
والثاني أن الفعل مجزوم، والألف ليست هي الألف التي في موضع لام الكلمة، ولكنها زيدت للاطلاق من أجل الفاصلة، كقوله: * (فأضلونا السبيلا) *، وقوله: * (وتظنون بالله الظنونا) *.
والثالث أن إشباع الحركة بحرف مد يناسبها أسلوب معروف من أساليب اللغة العربية، كقول عبد يغوث بن وقاص الحارثي: والثالث أن إشباع الحركة بحرف مد يناسبها أسلوب معروف من أساليب اللغة العربية، كقول عبد يغوث بن وقاص الحارثي:
* وتضحك مني شيخة عبشمية * كأن لم ترا قبلي أسيرا يمانيا * وقول الراجز: وقول الراجز:
* إذا العجوز غضبت فطلق * ولا ترضاها ولا ثملق * وقول الآخر: وقول الآخر:
* وقلت وقد خرت على الكلكال * يا ناقتي ما جلت من مجال * وقول عنترة في معلقته: وقول عنترة في معلقته:
* ينباع من ذفرى غضوب جسرة * زيافة مثل الفنيق المكدم * فالأصل في البيت الأول: كأن لم تر، ولكن الفتحة أشبعت. والأصل في الثاني ولا ترضها، ولكن الفتحة أشبعت. والأصل في الثالث على الكلكال يعني الصدر، ولكن الفتحة أشبعت. والأصل في الرابع ينبع يعني أن العرق ينبع من عظم الذفرى من ناقته على التحقيق، ولكن الفتحة أشبعت، وإشباع الفتحة بألف في هذه الأبيات وأمثالها مما لم نذكره ليس لضرورة للشعر لتصريح علماء العربية بأنه أسلوب عربي معروف. ويؤيد ذلك أنه مسموع في النثر، كقولهم في النثر: كلكال، وخاتام، وداناق، يعنون كلكلا، وخاتما، ودانقا. وقد أوضحنا هذه المسألة، وأكثرنا من شواهدها العربية في كتابن
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»