أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٧٣
قوله تعالى: * (وأضل فرعون قومه وما هدى) *. يعني أن فرعون أضل قومه عن طريق الحق وما هداهم إليها. وهذه الآية الكريمة بين الله فيها كذب فرعون في قوله: * (قال فرعون مآ أريكم إلا مآ أرى ومآ أهديكم إلا سبيل الرشاد) * ومن الآيات الموضحة لذلك قوله تعالى: * (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملإيه فاتبعوا أمر فرعون ومآ أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود) * والنكتة البلاغية في حذف المفعول في قوله * (وما هدى) * ولم يقل وما هداهم، هي مراعاة فواصل الآيات، ونظيره في القرآن قوله تعالى: * (ما ودعك ربك وما قلى) *.
* (يابنى إسراءيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الا يمن ونزلنا عليكم المن والسلوى * كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى * وإنى لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى * ومآ أعجلك عن قومك ياموسى * قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك رب لترضى * قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامرى * فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال ياقوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدى * قالوا مآ أخلفنا موعدك بملكنا ولاكنا حملنآ أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى * فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هاذآ إلاهكم وإلاه موسى فنسى * أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا * ولقد قال لهم هارون من قبل ياقوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمان فاتبعونى وأطيعوا أمرى * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) * قوله تعالى: * (يابنى إسراءيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الا يمن ونزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم) *. وذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: امتنانه على بني إسرائيل بإنجائه إياهم من عدوهم فرعون، وأنه واعدهم جانب الطور الأيمن، وأنه نزل عليهم المن والسلوى، وقال لهم: كلوا من طيبات ما رزقناكم. ولا تطغوا فيغضب عليكم ربكم. وما ذكره هنا أوضحه في غير هذا الموضع. كقوله في امتنانه عليهم بإنجائهم من عدوهم فرعون في (سورة البقرة): * (وإذ نجيناكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم وفى ذالكم بلاء من ربكم عظيم) *، وقوله في (الأعراف): * (وإذ أنجيناكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم وفي ذالكم بلاء من ربكم عظيم) *، وقوله في (الدخان): * (ولقد نجينا بنى إسراءيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين) *، وقوله في سورة (إبراهيم): * (وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم وفى ذالكم بلاء من ربكم عظيم) *، وقوله في (الشعراء) * (كذلك وأورثناها بنى إسراءيل) *، وقوله في (الدخان) * (كذلك وأورثناها قوما ءاخرين) *، وقوله في (الأعراف): * (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الا رض ومغاربها) *، وقوله في (القصص): * (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الا رض ونجعلهم أئمة) * إلى قوله * (يحذرون) * إلى غير ذلك من الآيات.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»