أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٦٦
أي طالبه. قوله تعالى: * (إنآ آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا ومآ أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن فرعون لعنة الله لما قال للسحرة ما قال لما آمنوا، قالوا له: * (إنآ آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا) * يعنون ذنوبهم السالفة كالكفر وغيره من المعاصي * (ومآ أكرهتنا عليه من السحر) * أي ويغفر لنا ما أكرهتنا عليه من السحر. وهذا الذي ذكره عنهم هنا أشار له في غير هذا الموضع. كقوله تعالى في (الشعراء) عنهم: * (إنآ إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانآ أن كنآ أول المؤمنين) *، وقوله عنهم في (الأعراف): * (ربنآ أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) *. وفي آية (طه) هذه سؤال معروف، وهو أن يقال: قولهم * (ومآ أكرهتنا عليه من السحر) * يدل على أنهم أكرههم عليه، مع أنه دلت آيات أخر على أنهم فعلوه طائعين غير مكرهين، كقوله في (طه): * (فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هاذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى) *. فقولهم: * (فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا) * صريح في أنهم غير مكرهين. وكذلك قوله عنهم في (الشعراء): * (قالوا لفرعون أإن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين) *، وقوله في (الأعراف): * (قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين) * فتلك الآيات تدل على أنهم غير مكرهين.
وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة معروفة:
(منها) أنهم أكرههم على الشخوص من أماكنهم ليعارضوا موسى بسحرهم، فلما أكرهوا على القدوم وأمروا بالسحر أتوه طائعين، فإكراههم بالنسبة إلى أول الأمر، وطوعهم بالنسبة إلى آخر الأمر، فانفكت الجهة وبذلك ينتفي التعارض، ويدل لهذا قوله: * (وابعث فى المدآئن حاشرين) *، وقوله: * (وأرسل فى المدآئن حاشرين) *.
(ومنها) أنه كان يكرههم على تعليم أولادهم السحر في حال صغرهم، وأن ذلك هو مرادهم بإكراههم على السحر. ولا ينافي ذلك أنهم فعلوا ما فعلوا من السحر بعد تعلمهم وكبرهم طائعين.
(٦٦)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»