والسلام: أن يسري بعباده، وهم بنو إسرائيل فيخرجهم من قبضة فرعون ليلا، وأن يضرب لهم طريقا في البحر يبسا، أي يابسا لا ماء فيه ولا بلل، وأنه لا يخاف دركا من فرعون وراءه أن يناله بسوء. ولا يخشى من البحر أمامه أن يغرق قومه. وقد أوضح هذه القصة في غير هذا الموضع، كقوله في سورة (الشعراء): * (وأوحينآ إلى موسى أن أسر بعبادى إنكم متبعون فأرسل فرعون فى المدآئن حاشرين إن هاؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغآئظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بنى إسراءيل فأتبعوهم مشرقين فلما ترآءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين فأوحينآ إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) *. فقوله في (الشعراء): * (أن اضرب بعصاك البحر فانفلق) * أي فضربه فانفلق يوضح معنى قوله: * (فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا) *، وقوله: * (قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين) * يوضح معنى قوله: * (لا تخاف دركا ولا تخشى) * وقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله في (الدخان): * (فدعا ربه أن هاؤلاء قوم مجرمون فأسر بعبادى ليلا إنكم متبعون واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون) * إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا طرفا من ذلك في سورة (البقرة) والقصة معروفة واضحة من القرآن العظيم. وقرأ نافع وابن كثير * (أن أسر) * بهمزة وصل وكسر نون * (ءان) * لالتقاء الساكنين والباقون قرؤوا * (أن أسر) * بهمزة قطع مفتوحة مع إسكان نون (أن) وقد قدمنا في سورة (هود) أن أسري وسرى لغتان وبينا شواهد ذلك العربية. وقرأ حمزة * (لا تخف) * بسكون الفاء بدون ألف بين الخاء والفاء، وهو مجزوم لأنه جزاء الطلب، أي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخف. وقد قدمنا أن نحو ذلك من الجزم بشرط محذوف تدل عليه صيغة الطلب، أي أن تضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخف. وعلى قراءة الجمهور (لا تخاف) بالرفع، فلا إشكال في قوله * (ولا) * لأنه فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف، معطوف على فعل مضارع مرفوع هو قوله: * (يبسا لا تخاف) *. وأما على قراءة حمزة * (لا تخف) * بالجزم ففي قوله * (ولا تخشى) * إشكال معروف، وهو أنه معطوف على مضارع مجزوم، وذلك يقتضي جزمه، ولو جزم لحذفت
(٦٩)