أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٦٤
الجذوع كما هو معروف. وما ذكره جل وعلا عنه هنا أوضحه في غير هذا الموضع أيضا. كقوله في سورة (الشعراء): * (قال ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين) *. وذكر هذا أيضا في سورة (الأعراف) وزاد فيها التصريح بفاعل قال: وادعاء فرعون أن موسى والسحرة تمالؤوا على أن يظهروا أنه غلبهم مكرا ليتعاونوا على إخراج فرعون وقومه من مصر. وذلك في قوله: * (قال فرعون ءامنتم به قبل أن ءاذن لكم إن هاذا لمكر مكرتموه فى المدينة لتخرجوا منهآ أهلها فسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين) * (وقوله في (طه): * (ولأصلبنكم فى جذوع النخل) * يبين أن التصليب في جذوع النخل هو مراده بقوله في (الأعراف، والشعراء): * (معيشة ضنكا) *. أي في جذوع النخل وتعدية التصليب ب (في) أسلوب عربي معروف، ومنه قول سويد بن أبي كاهل: معيشة ضنكا) *. أي في جذوع النخل وتعدية التصليب ب (في) أسلوب عربي معروف، ومنه قول سويد بن أبي كاهل:
* هم صلبوا العبدي في جذع نخلة * فلا عطصت شيبان إلا بأجدعا * ومعلوم عند علماء البلاغة: أن في مثل هذه الآية استعارة تبعية في معنى الحرف كما سيأتي إن شاء الله تعالى إيضاح كلامهم في ذلك ونحوه في سورة (القصص). وقد أوضحنا في كتابنا المسمى (منع جواز المجاز في المنزل التعبد والإعجاز). أن ما يسميه البلاغيون من أنواع المجاز مجازا كلها أساليب عربية نطقت بها العرب في لغتها. وقد بينا وجه عدم جواز المجاز في القرآن وما يترتب على ذلك من المحذور.
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (ولتعلمن أينآ أشد عذابا وأبقى) * قال بعض أهل العلم: * (ولتعلمن أينآ) *: يعني أنا، أم رب موسى أشد عذابا وأبقى. واقتصر على هذا القرطبي. وعليه ففرعون يدعي أن عذابه أشد وأبقى من عذاب الله. وهذا كقوله: * (أنا ربكم الا على) *، وقوله: * (ما علمت لكم من إلاه غيرى) *، وقوله: * (لئن اتخذت إلاها غيرى لأجعلنك من المسجونين) *. وقال بعضهم: * (ولتعلمن أينآ) * أنا، أم موسى أشد عذابا وأبقى. وعلى هذا فهو كالتهكم بموسى لاستضعافه له، وأنه لا يقدر على أن يعذب من لم يطعه. كقوله: * (أم أنآ خير من هاذا الذى هو مهين) *. والله جل وعلا أعلم.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»