أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٧٧
والله غفور رحيم) *، وقوله تعالى: * (قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) *، إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا معنى التوبة والعمل الصالح.
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (ثم اهتدى) * أي استقام وثبت على ما ذكر من التوبة والإيمان والعمل الصالح ولم ينكث. ونظير ذلك قوله تعالى: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) *، وفي الحديث: (قل آمنت بالله ثم استقم). وقال تعالى: * (فاستقم كمآ أمرت) *. قوله تعالى: * (ومآ أعجلك عن قومك ياموسى قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك رب لترضى) *. أشار جل وعلا في هذه الآية الكريمة إلى قصة مواعدته موسى أربعين ليلة وذهابه إلى الميقات، واستعجاله إليه قبل قومه. وذلك أنه لما واعده ربه وجعل له الميقات المذكور، وأوصى أخاه هارون أن يخلفه في قومه، استعجل إلى الميقات فقال له ربه * (ومآ أعجلك عن قومك) *. وهذه القصة التي أجملها هنا أشار لها في غير هذا الموضع. كقوله في (الأعراف): * (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لاخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ولما جآء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك) *.
وفي هذه الآية سؤال معروف: وهو أن جواب موسى ليس مطابقا للسؤال الذي سأله ربه، لأن السؤال عن السبب الذي أعجله عن قومه، والجراب لم يأت مطابقا لذلك. لأنه أجاب بقوله: * (هم أولاء على أثرى وعجلت إليك) *.
وأجيب عن ذلك بأجوبة: (منها) أن قوله: * (هم أولاء على أثرى) * يعني هم قريب وما تقدمتهم إلا بيسير يغتفر مثله، فكأني لم أتقدمهم ولم أعجل عنهم لقرب ما بيني وبينهم. (ومنها) أن الله جل وعلا لما خاطبه بقوله * (ومآ أعجلك عن قومك) * داخله من الهيبة والإجلال والتعظيم لله جل وعلا ما أذهله عن الجواب المطابق. والله أعلم.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»