لما حل بيعها. قاله ابن المنذر وغيره. وما حاوله بعضهم من الجمع بين الأدلة المذكورة بحمل السحر على الذي يقتضي الكفر في قول من قال بالقتل، وحمله على الذي لا يقتضي الكفر في قول من قال بعدم القتل لا يصح. لأن الآثار الواردة في قتله جاءت بقتل الساحر الذي سحره من نوع الشعوذة كساحر جندب الذي قتله، وليس ذلك مما يقتضي الكفر المخرج من ملة الإسلام، كما تقدم إيضاحه. فالجمع غير ممكن. وعليه فيجب الترجيح، فبعضهم يرجح عدم القتل بأن دماء المسلمين حرام إلا بيقين. وبعضهم يرجح القتل بأن أدلته خاصة ولا يتعارض عام وخاص. لأن الخاص يقضي على العام عند أكثر أهل الأصول كما هو مقرر في محله. قال مقيده عفا الله عنه: والأظهر عندي أن الساحر الذي لم يبلغ به سحره الكفر ولم يقتل به إنسانا أنه لا يقتل. لدلالة النصوص القطعية، والإجماع على عصمة دماء المسلمين عامة إلا بدليل واضح. وقتل الساحر الذي لم يكفر بسحره لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتجرؤ على دم مسلم من غير دليل صحيح من كتاب أو سنة مرفوعة غير ظاهر عندي. والعلم عند الله تعالى، مع أن القول بقتله مطلقا قوي جدا لفعل الصحابة له من غير نكير.
المسألة السابعة اعلم أن الناس اختلفوا في تعلم السحر من غير عمل به. هل يجوز أو لا؟ والتحقيق وهو الذي عليه الجمهور: هو أنه لا يجوز، ومن أصرح الأدلة في ذلك تصريحه تعالى بأنه يضر ولا ينفع في قوله: * (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) * وإذا أثبت الله أن السحر ضار ونفى أنه نافع فكيف يجوز تعلم ما هو ضرر محض لا نفع فيها؟
وجزم الفخر الرازي في تفسيره في سورة (البقرة) بأنه جائز بل واجب قال ما نصه:
(المسألة الخامسة) في أن العلم بالسحر غير قبيح ولا محظور، اتفق المحققون على ذلك لأن العلم لذاته شريف، وأيضا لعموم قوله تعالى: * (هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون) *، ولأن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجزة، والعلم بكون المعجز معجزا واجب، وما يتوقف الواجب عليه فهو واجب، فهذا