قوله تعالى: * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولائك عنها مبعدون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة. إن الذين سبقت لهم منه في علمه الحسنى وهي تأنيث الأحسن، وهي الجنة أو السعادة مبعدون يوم القيامة عن النار. وقد أشار إلى نحو ذلك في غير هذا الموضع، كقوله: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) *، وقوله: * (هل جزآء الإحسان إلا الإحسان) *، ونحو ذلك من الآيات.
* (لا يحزنهم الفزع الا كبر وتتلقاهم الملائكة هاذا يومكم الذى كنتم توعدون * يوم نطوى السمآء كطى السجل للكتب كما بدأنآ أول خلق نعيده وعدا علينآ إنا كنا فاعلين * ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الا رض يرثها عبادى الصالحون * إن فى هاذا لبلاغا لقوم عابدين * ومآ أرسلناك إلا رحمة للعالمين * قل إنمآ يوحى إلى أنمآ إلاهكم إلاه واحد فهل أنتم مسلمون * فإن تولوا فقل ءاذنتكم على سوآء وإن أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون * إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون * وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين * قال رب احكم بالحق وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون) * قوله تعالى: * (وتتلقاهم الملائكة هاذا يومكم الذى كنتم توعدون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن عباده المؤمنين الذين سبقت لهم منه الحسنى * (وتتلقاهم الملائكة) * أي تستقبلهم بالبشارة، وتقول لهم: * (هاذا يومكم الذى كنتم توعدون) * أي توعدون فيه أنواع الكرامة والنعيم. قيل: نستقبلهم على أبواب الجنة بذلك. وقيل: عند الخروج من القبور كما تقدم.
وما ذكره جل وعلا من استقبال الملائكة لهم بذلك بينه في غير هذا الموضع، كقوله في (فصلت): * (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير نحن أوليآؤكم فى الحيواة الدنيا وفى الا خرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم) * وقوله في (النحل): * (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (يوم نطوى السمآء كطى السجل للكتب) *. قوله * (يوم نطوى السمآء) * منصوب بقوله: * (لا يحزنهم الفزع) *، أو بقوله * (وتتلقاهم) *. وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يوم القيامة يطوي السماء كطي السجل الكتب. وصرح في (الزمر) بأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة، وأن السماوات مطويات بيمينه، وذلك في قوله: * (وما قدروا الله حق قدره والا رض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) *. وما ذكره من كون السماوات مطويات بيمينه في هذه الآية جاء في الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قدمنا مرارا أن الواجب في ذلك إمراره كما جاء، والتصديق به مع اعتقاد أن صفة الخالق أعظم من أن تمائل صفة المخلوق. وأقوال العلماء في معنى قوله