فرحون فذرهم فى غمرتهم حتى حين) *. وقوله في هذه الآية * (زبرا) * أي قطعا كزبر الحديد والفضة، أي قطعها. وقوله * (كل حزب بما لديهم فرحون) * أي كل فرقة من هؤلاء الفرق الضالين المختلفين المتقطعين دينهم قطعا فرحون بباطلهم، مطمئنون إليه، معتقدون أنه هو الحق.
وقد بين جل وعلا في غير هذا الموضع: أن ما فرحوا به، واطمئنوا إليه باطل، كما قال تعالى في سورة (المؤمن): * (فلما جآءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين) *، وقال: * (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنمآ أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (إن هاذه) * (هذه) اسم (إن) وخبرها * (أمتكم) *. وقوله * (أمة واحدة) * حال هو ظاهر. قوله تعالى: * (لهم فيها زفير) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أهل النار لهم فيها زفير والعياذ بالله تعالى. وأظهر الأقوال في الزفير: أنه كأول صوت الحمار، وأن الشهيق كآخره وقد بين تعالى أن أهل النار لهم فيها زفير في غير هذا الموضع وزاد على ذلك الشهيق والخلود، كقوله في (هود): * (فأما الذين شقوا ففى النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها) *. قوله تعالى: * (وهم فيها لا يسمعون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أهل النار لا يسمعون فيها. وبين في غير هذا الموضع: أنهم لا يتكلمون ولا يبصرون، كقوله في (الإسراء): * (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما) *، وقوله: * (ونحشره يوم القيامة أعمى) *، وقوله: * (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون) * مع أنه جلا وعلا ذكر في آيات أخر ما يدل على أنهم يسمعون ويبصرون ويتكلمون، كقوله تعالى: * (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا) *، وقوله: * (ربهم ربنآ أبصرنا وسمعنا) *، وقوله: * (ورأى المجرمون النار) *. وقد بينا أوجه الجمع بين الآيات المذكورة في (طه) فأغنى ذلك عن إعادته هنا.