أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٢
الحرث بن حلزة: فأذنوا بحرب من الله) *، أي اعلموا. ومنه قول الحرث بن حلزة:
* آذنتنا ببينها أسماء * رب ثاو يمل منه الثواء * يعني أعلمتنا ببينها. قوله تعالى: * (إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه علم ما يجهر به خلقه من القول، ويعلم ما يكتمونه. وقد أوضح هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى: * (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور) *، وقوله: * (والله يعلم ما تبدون وما تكتمون) * في الموضعين، وقوله: * (ما تبدون وما كنتم تكتمون) *، وقوله تعالى: * (ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والا رض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) *، وقوله تعالى: * (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) *، وقوله: * (وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (قال رب احكم بالحق) *. قرأ هذا الحرف عامة القراء السبعة غير حفص عن عاصم * (قال رب) * بضم القاف وسكون اللام بصيغة الأمر. وقرأه حفص وحده * (قال) * بفتح القاف واللام بينهما ألف بصيغة الماضي. وقراءة الجمهور تدل على أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يقول ذلك. وقراءة حفص تدل على أنه امتثل الأمر بالفعل. وما أمره أن يقوله هنا قاله نبي الله شعيب كما ذكره الله عنه في قوله: * (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) *. وقوله * (افتح) * أي احكم كما تقدم. وقوله: * (وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون) * أي تصفونه بألسنتكم من أنواع الكذب بادعاء الشركاء والأولاد وغير ذلك. كما قال تعالى: * (وتصف ألسنتهم الكذب) *، وقال: * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب) *. وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية قاله يعقوب لما علم أن أولاده فعلوا بأخيهم يوسف شيئا غير ما أخبروه به. وذلك في قوله: * (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) * والمستعان: المطلوب منه العون. والعلم عند الله تعالى.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 254 255 256 257 258 ... » »»