أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٠
الأول أنها أرض الجنة يورثها الله يوم القيامة عبادة الصالحين. وهذا القول يدل له قوله تعالى: * (وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده وأورثنا الا رض نتبوأ من الجنة حيث نشآء فنعم أجر العاملين) * وقد قدمنا معنى إيراثهم الجنة مستوفى في سورة (مريم).
الثاني أن المراد بالأرض: أرض العدو يورثها الله المؤمنين في الدنيا: ويدل لهذا قوله تعالى: * (وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شىء قديرا) *، وقوله: * (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الا رض ومغاربها) *، وقوله تعالى: * (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشآء من عباده والعاقبة للمتقين) *، وقوله تعالى: * (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الا رض كما استخلف الذين من قبلهم) *، وقوله تعالى * (فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الا رض من بعدهم) * إلى غير ذلك من الآيات. وقرأ هذا الحرف عامة القراء غير حمزة * (فى الزبور) * بفتح الزاي ومعناه الكتاب. وقرأ حمزة وحده (في الزبور) بضم الزاي. قال القرطبي: وعلى قراءة حمزة فهو جمع زبر. والظاهر أنه يريد الزبر بالكسر بمعنى الزبور أي المكتوب. وعليه فمعنى قراءة حمزة: ولقد كتبنا في الكتب: وهي تؤيد أن المراد بالزبور على قراءة الفتح جنس الكتب لا خصوص زبور وداود كما بينا. وقرأ حمزة (يرثها عبادي) بإسكان الياء، والباقون بفتحها. قوله تعالى: * (إن فى هاذا لبلاغا لقوم عابدين) *. الإشارة في قوله * (هاذا) * للقرآن العظيم، الذي منه هذه السورة الكريمة. والبلاغ: الكفاية، وما تبلغ به البغية. وما ذكره هنا من أن هذا القرآن فيه الكفاية للعابدين، وما يبلغون به بغيتهم، أي من خير الدنيا والآخرة ذكره في غير هذا الموضع. كقوله: * (هاذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إلاه واحد وليذكر أولوا الألباب) * وخص القوم العابدين بذلك لأنهم هم المنتفعون به. قوله تعالى: * (ومآ أرسلناك إلا رحمة للعالمين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه ما أرسل هذا النبي الكريم صلوات ال
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 254 255 256 ... » »»