الخطاب، وتابعه يونس وابن عيينه وإسحاق الكلبي والزبيدي، وقال صالح وابن أبي حفصة وابن مجمع عن الزهري عن سالم عن ابن عمر: فرآني أبو لبابة وزيد بن الخطاب ا ه من صحيح البخاري رحمه الله تعالى. وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: وحدثني عمرو بن محمد الناقد، حدثنا سفيان بن أبي عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يستسقطان الحبل ويلتمسان البصر) قال: فكان ابن عمر يقتل كل حية وجدها. فأبصره أبو لبابة بن عبد المنذر، أو زيد بن الخطاب وهو يطارد حية فقال: إنه قد نهى عن ذوات البيوت. ثم ذكره من طرق متعددة. وفي كلها التصريح بالنهي عن قتل جنان البيوت يعني إلا بعد الإنذار ثلاثا. وعن مالك رحمه الله: يقتل ما وجد منها بالمساجد. وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث (وذا الطفيتين) هو بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء بعدها ياء. وأصل الطفية خوصة المقل وهو شجر الدوم. وقيل: المقل ثمر شجر الدوم. وجمعها طفى بضم ففتح على القياس. والمراد بالطفيتين في الحديث: خطان أبيضان. وقيل: أسودان على ظهر الحية المذكورة، يشبهان في صورتها خوص المقل المذكور. والأبتر: قصير الذنب من الحيات: وقال النضير بن شميل: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب، لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها. وقال الداودي: هو الأفعى التي تكون قدر شبر أو أكثر قليلا وقوله في هذا الحديث: (يستسقطان الحبل) معناها أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت جنينها غالبا. وقد ذكر مسلم عن الزهري ما يدل على أن إسقاط الحبل المذكور خاصية فيهما من سمهما. والأظهر في معنى (يلتمسان البصر) أن الله جعل فيهما من شدة سمهما خاصية يخطفان بها البصر، ويطمسانه بها بمجرد نظرهما إليه. والقول: بأن معناه أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش ضعيف. والعلم عند الله تعالى.
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (اقتلوا الحيات) يدل على وجوب قتلها. لما قدمنا من أن صيغة الأمر المجردة عن القرائن تدل على الوجوب.
والجمهور على أن الأمر بذلك القتل المذكور للندب والاستحباب، والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (بعضكم لبعض عدو) * على ما ذكرنا أنه الأظهر. فالمعنى: أن بعض بني آدم عدو لبعضهم. كما قال تعالى: * (أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) * ونحوها من الآيات. وعلى أن المراد