أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ١٢٧
قوتكم) *، وقوله تعالى: * (وألو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم مآء غدقا لنفتنهم فيه) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وعن الحسن أن المعيشة الضنك: هي طعام الضريع والزقوم يوم القيامة وذلك مذكور في آيات من كتاب الله تعالى، كقوله: * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) *، وقوله: * (إن شجرة الزقوم * طعام الاثيم) * الآية ونحو ذلك من الآيات. وعن عكرمة والضحاك ومالك بن دينار: المعيشة الضنك: الكسب الحرام، والعمل السيىء. وعن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة: المعيشة الضنك: عذاب القبر وضغطته. وقد أشار تعالى إلى فتنة القبر وعذابه في قوله * (يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت فى الحيواة الدنيا وفى الا خرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشآء) *.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: أن المعيشة الضنك في الآية: عذاب القبر. وبعض طرقه بإسناد جيد كما قاله ابن كثير في تفسير هذه الآية. ولا ينافي ذلك شمول المعيشة الضنك لمعيشته في الدنيا. وطعام الضريع والزقوم. فتكون معيشته ضنكا في الدنيا والبرزخ والآخرة، والعياذ بالله تعالى. قوله تعالى: * (ونحشره يوم القيامة أعمى) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من أعرض عن ذكره يحشره يوم القيامة في حال كونه أعمى. قال مجاهد وأبو صالح والسدي: أعمى أي لا حجة له. وقال عكرمة: عمى عليه كل شيء إلا جهنم. وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البنان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولا، ويكون في نفس الآية قرينة تدل على خلاف ذلك القول. وقد ذكرنا أمثلة متعددة لذلك. فإذا علمت ذلك فاعلم أن في هذه الآية الكريمة قرينة دالة على خلاف قول مجاهد وأبي صالح والسدي وعكرمة. وأن المراد بقوله * (أعمى) * أي أعمى البصر لا يرى شيئا. والقرينة المذكورة هي قوله تعالى: * (قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا) * فصرح بأن عماه هو العمى المقابل للبصر وهو بصر العين، لأن الكافر كان في الدنيا أعمى القلب كما دلت على ذلك آيات كثيرة من كتاب الله، وقد زاد جل وعلا في سورة (بني إسرائيل) أنه مع ذلك العمى يحشر أصم أبكم أيضا، وذلك في قوله تعالى: * (ومن يهد الله فهو المهتد ومن
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»