بقوله * (اهبطا) * آدم وإبليس، فالمعنى أن إبليس وذريته أعداء لآدم وذريته. كما قال تعالى: * (أفتتخذونه وذريته أوليآء من دونى وهم لكم عدو) * ونحوها من الآيات.
والظاهر أن ما ذكره القرطبي: من إحراق الحية بالنار لم يثبت، وأنه لا ينبغي أن يعذب بعذاب الله، فلا ينبغي أن تقتل بالنار، والله أعلم.
فإن قيل: الحديث المذكور يدل على أن ذا الطفيتين غير الأبتر لعطفه عليه في الحديث، ورواية البخاري التي قدمنا عن أبي لبابة: (لا تقتلوا الجنان إلا كل أبتر ذي طفيتين) يقتضي أنهما واحد؟ فالجواب: أن ابن حجر في الفتح أجاب عن هذا. بأن الرواية المذكورة ظاهرها اتحادهما، ولكنها لا تنفي المغايرة ا ه. والظاهر أن مراده بأنها لا تنفي المغايرة: أن الأبتر وإن كان ذا طفيتين فلا ينافي وجود ذي طفيتين فلا ينافي وجود ذي طفيتين غير الأبتر. والله تعالى أعلم. قوله تعالى: * (فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى) *. الظاهر أن الخطاب لبني آدم. أي فإن يأتكم مني هدى أي رسول أرسله إليكم، وكتاب يأتي به رسول، فمن اتبع منكم هداي أي من آمن برسلي وصدق بكتبي، وامتثل ما أمرت به، واجتنب ما نهيت عنه على ألسنة رسلي. فإنه لا يضل في الدنيا، أي لا يزيغ عن طريق الحق لاستمساكه العروة الوثقى، ولا يشقى في الآخرة لأنه كان في الدنيا عاملا بما يستوجب السعادة من طاعة الله تعالى وطاعة رسله. وهذا المعنى المذكور هنا ذكر في غير هذا الموضع. كقوله في (البقرة): * (فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * ونحو ذلك من الآيات. وفي هذه الآيات دليل على أن الله بعد أن أخرج أبوينا من الجنة لا يرد إليهما أحدا منا إلا بعده الابتلاء والامتحان بالتكاليف من الأوامر والنواهي، ثم يطيع الله فيما ابتلاه به. كما تقدمت الإشارة إليه في سورة (البقرة). قوله تعالى: * (ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا) *. قد قدمنا في سورة (الكهف) في الكلام على قوله: * (ومن أظلم ممن ذكر بأايات ربه فأعرض عنها) * الآيات الموضحة نتائج الإعراض عن ذكر الله تعالى الوخيمة. فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وقد قدمنا هناك أن منها المعيشة الضنك. واعلم