المذكورة، فكانت وسوسة الشيطان سببا للأكل من تلك الشجرة. وكان الأكل منها سببا لبدو سوءاتهما. وقد تقرر في الأصول في مسلك (الإيماء والتنبيه): أن الفاء تدل على التعليل كقولهم: سها فسجد، أي لعلة سهوه. وسرق فقطعت يده، أي لعلة سرقته. كما قدمناه مرارا. وكذلك قوله هنا: * (فوسوس إليه الشيطان قال ياأادم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها) * أي بسبب تلك الوسوسة فبدت لهما سوءاتها، أي بسبب ذلك الأكل، ففي الآية ذكر السبب وما دلت عليه الفاء هنا كما بينا من أن وسوسة الشيطان هي سبب ما وقع من آدم وحواء جاء مبينا في مواضع من كتاب الله، كقوله تعالى: * (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه) * فصرح بأن الشيطان هو الذي أزلهما. وفي القراءة الأخرى (فأزالهما) وأنه هو الذي أخرجهما مما كانا فيه، أي من نعيم الجنة، وقوله تعالى: * (يابنى آدم لا يفتننكم الشيطان كمآ أخرج أبويكم من الجنة) *، وقوله: * (فدلاهما بغرور) * إلى غير ذلك من الآيات.
وما ذكره جل وعلا في آية (طه) هذه من ترتب بدو سوءاتهما على أكلهما من تلك الشجرة أوضحه في غير هذا الموضع، كقوله في (الأعراف): * (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما) *، وقوله فيها. أيضا: * (أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهمآ) *.
وقد دلت الآيات المذكورة على أن آدم وحواء كانا في ستر من الله يستر به سوءاتهما، وأنهما لما أكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عنهما الكشف ذلك الستر بسبب تلك الزلة. فبدت سوءاتهما أي عوراتهما. وسميت العورة سوءة لأن انكشافها يسوء صاحبها، وصارا يحاولان ستر العورة بورق شجر الجنة، كما قال هنا: * (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) *، وقال في (الأعراف): * (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) *.
وقوله * (وطفقا) * أي شرعا. فهي من أفعال الشروع، ولا يكون خير أفعال الشروع إلا فعلا مضارعا غير مقترن ب (أن) وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله: وقوله * (وطفقا) * أي شرعا. فهي من أفعال الشروع، ولا يكون خير أفعال الشروع إلا فعلا مضارعا غير مقترن ب (أن) وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله:
*......
* وترك أن مع ذي الشروع وجبا * * كأنشأ السائق يحدو وطفق * وكذا جعلت وأخذت وعلق *