أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٦٦
ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) * فصرح في هذه الآية الكريمة: بأن لا بد أن يقطع حجة كل أحد بإرسال الرسل، مبشرين من أطاعهم بالجنة، ومنذرين من عصاهم النار.
وهذه الحجة التي أوضح هنا قطعها بإرسال الرسل مبشرين ومنذرين. بينها في آخر سورة طه بقوله * (ولو أنآ أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك من قبل أن نذل ونخزى) *.
وأشار لها في سورة القصص بقوله: * (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك ونكون من المؤمنين) *، وقوله جل وعلا: * (ذالك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون) *، وقوله: * (يأهل الكتاب قد جآءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جآءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير) *، وكقوله: * (وهاذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنمآ أنزل الكتاب على طآئفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنآ أنزل علينا الكتاب لكنآ أهدى منهم فقد جآءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة) *، إلى غير ذلك من الآيات.
ويوضح ما دلت عليه هذه الآيات المذكورة وأمثالها في القرآن العظيم من أن الله جل وعلا لا يعذب أحدا إلا بعد الإنذار والإعذار على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام تصريحه جل وعلا في آيات كثيرة: (بأن لم يدخل أحدا النار إلا بعد الإعذار والإنذار على ألسنة الرسل. فمن ذلك قوله جل وعلا: * (كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتهآ ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جآءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شىء) *.
ومعلوم أن قوله جل وعلا: * (كلما ألقى فيها فوج) * يعم جميع الأفواج الملقين في النار.
قال أبو حيان في (البحر المحيط) في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها ما نصه: (وكلما) تدل على عموم أزمان الإلقاء فتعم الملقين. ومن ذلك قوله جل وعلا: * (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جآءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتهآ ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ءايات ربكم وينذرونكم لقآء يومكم هاذا قالوا
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»