بجناية إنسان آخر؟.
والجواب عن الأول هو أن العلماء حملوه على أحد أمرين:
الأول أن يكون الميت أوصى بالنوح عليه. كما قال طرفة بن العبد في معلقته: الأول أن يكون الميت أوصى بالنوح عليه. كما قال طرفة بن العبد في معلقته:
* إذا مت فانعيني بما أنا أهله * وشقى على الجيب يابنة معبد * لأنه إذا كان أوصى بأن يناح عليه: فتعذيبه بسبب إيصائه بالمنكر. وذلك من فعله لا فعل غيره.
الثاني أن يهمل نهيهم عن النوح عليه قبل موته مع أنه يعلم أنهم سينوحون عليه. لأن إهماله نهيهم تفريط منه، ومخالفة لقوله تعالى: * (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) * فتعذيبه إذا بسبب تفريطه، وتركه ما أمر الله به من قوله: * (مقتكم أنفسكم) * الآية وهذا ظاهر كما ترى.
وعن الثاني بأن إيجاب الدية على العاقلة ليس من تحميلهم وزر القاتل، ولكنها مواساة محضة أوجبها الله على عاقلة الجاني. لأن الجاني لم يقصد سوءا، ولا إثم عليه البتة فأوجب الله في جنايته خطأ الدية بخطاب الوضع، وأوجب المواساة فيها على العاقلة. ولا إشكال في إيجاب الله على بعض خلقه مواساة بعض خلقه. كما أوجب أخذ الزكاة من مال الأغنياء وردها إلى الفقراء. واعتقد من أوجب الدية على أهل ديوان القاتل خطأ كأبي حنيفة وغيره أنها باعتبار النصرة فأوجبها على أهل الديوان.
ويؤيد هذا القول ما ذكره القرطبي في تفسيره قال: (وأجمع أهل السير والعلم: أن الدية كانت في الجاهلية تحملها العاقلة، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام. وكانوا يتعاقلون بالنصرة ثم جاء الإسلام فجرى الأمر على ذلك. حتى جعل عمر الديوان. واتفق الفقهاء على رواية ذلك والقول به. وأجمعوا أنه لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا زمن أبي بكر ديوان، وأن عمر جعل الديوان، وجمع بين الناس، وجعل أهل كل ناحية يدا، وجعل عليهم قتال من يليهم من العدو. انتهى كلام القرطبي رحمه الله تعالى. قوله تعالى: * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) *. ظاهر هذه الآية الكريمة: أن الله جل وعلا لا يعذب أحدا من خلقه لا في الدنيا ولا في الآخرة. حتى يبعث إليه رسولا ينذره ويحذره فيعصى ذلك الرسول، ويستمر على الكفر والمعصية بعد الإنذار والإعذار.
وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى: * (رسلا مبشرين