يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار) *، وقوله تعالى: * (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجآءهم العذاب) *، وقوله: * (وما نؤخره إلا لاجل معدود) *، وقوله: * (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه) *، وقوله: * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) *، قوله تعالى: * (نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ) *، وقوله: * (قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار) *، وقوله: * (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) * إلى غير ذلك من الآيات.
وروي أن المأمون قرأ هذه السورة الكريمة فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء. فأشار إلى ابن السماك أن يعظه. فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد، فما أسرع ما تنفد.
والأظهر في الآية هو ما ذكرنا من أن العد المذكور عد الأعوام والأيام والشهور من الأجل المحدد.
وقال بعض أهل العلم. هو عد أنفاسهم. كما أشار إليه ابن السماك في موعظته للمأمون التي ذكرنا إن صح ذلك. وعن ابن عباس رضي الله عنهما (أنه كان إذا قرأها بكى وقال: آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد: فراق أهلك، آخر العدد: دخول قبرك).
وقال بعض أهل العلم * (إنما نعد لهم عدا) * أي نعد أعمالهم لنجازيهم عليها. والظاهر هو ما قدمنا. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن المتقين الذين كانوا يتقونه في دار الدنيا بامتثال أمره واجتناب نهيه يحشرون إليه يوم القيامة في حال كونهم وفدا. والوفد على التحقيق: جمع وافد كصاحب وصحب، وراكب وركب. وقدمنا في سورة (النحل) أن التحقيق أن الفعل بفتح فسكون من صيغ جموع الكثرة للفاعل وصفا، وبينا شواهد ذلك من العربية، وإن أغفله الصرفيون. والوافد: من يأتي إلى الملك مثلا إلى أمر له شأن. وجمهور المفسرين على أن معنى قوله * (وفدا) * أي ركبانا. وبعض العلماء يقول: هم ركبان على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة. وبعضهم يقول: