أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٥١٠
الأول أن واو الفاعل في قوله: * (سيكفرون) * راجعة إلى المعبودات التي كانوا يعبدونها من دون الله. أما العاقل منها فلا إشكال فيه. وأما غير العاقل بالله قادر على أن يخلق له إدراكا يخاطب به من من عبده ويكفر به بعبادته إياه. ويدل لهذا الوجه قوله تعالى عنهم: * (تبرأنآ إليك ما كانوا إيانا يعبدون) *، وقوله تعالى: * (وإذا رءا الذين أشركوا شركآءهم قالوا ربنا هاؤلآء شركآؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون) * وقوله تعالى: * (وقال شركآؤهم ما كنتم إيانا تعبدون فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين) *، إلى غير ذلك من الآيات.
الوجه الثاني أن العابدين هم الذين يكفرون بعبادتهم شركاءهم وينكرونها ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) *، وقوله عنهم: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) *، وقوله عنهم: * (بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا) *، إلى غير ذلك من الآيات.
والقرينة المرجحة للوجه الأول أن الضمير في قوله * (ويكونون) * راجع للمعبودات. وعليه فرجوع الضمير في * (يكفرون) * للمعبودات أظهر. لانسجام الضمائر بعضها مع بعض.
أما على القول الثاني فإنه يكون ضمير * (يكفرون) * للعابدين، وضمير * (يكونون) * للمعبودين، وتفريق الضمائر خلاف الظاهر. والعلم عند الله تعالى.
وقوله من قال من العلماء. إن * (كلا) * في هذه الآية متعلقة بما بعدها لا بما قبلها، وأن المعنى: كلا سيكفرون أي حقا سيكفرون بعبادتهم محتمل، ولكن الأول أظهر منه وأرجح، وقائله أكثر. والعلم عند الله تعالى، وفي قوله * (كلا) * قراءات شاذة تركنا الكلام عليها لشذوذها.
وقوله في هذه الآية: * (ليكونوا لهم عزا) * أفرد فيه العز مع أن المراد الجمع. لأن أصله مصدر على حد قوله في الخلاصة: ليكونوا لهم عزا) * أفرد فيه العز مع أن المراد الجمع. لأن أصله مصدر على حد قوله في الخلاصة:
* ونعتوا بمصدر كثير * فانتزموا الإفراد والتذكيرا * والإخبار بالمصدر يجري على حكم النعت به. وقوله * (ضدا) * مفردا أيضا أريد به الجمع. قال ابن عطية: لأنه مصدر في الأصل. حكاه عنه أبو حيان في البحر. وقال
(٥١٠)
مفاتيح البحث: العزّة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 ... » »»