أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٥٠٨
هذه السورة الكريمة.
وقوله: * (ويأتينا فردا) * أي منفردا لا مال له ولا ولد ولا خدم ولا غير ذلك، كما قال تعالى: * (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) *، وقال تعالى: * (وكلهم ءاتيه يوم القيامة فردا) * كما تقدم إيضاحه.
فإن قيل: كيف عبر جل وعلا في هذه الآية الكريمة بحرف التنفيس الدال على الاستقبال في قوله * (لنحن أعلم بالذين) * مع أن ما يقوله الكافر يكتب بلا تأخير. بدليل قوله تعالى: * (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) *؟
فالجواب أن الزمخشري في كشافه تعرض للجواب عن هذا السؤال بما فصه: قلت فيه وجهان: أحدهما: سنظهر له ونعلمه أنا كتبنا قوله، على طريقة قول زائد بن صعصعة الفقعسي: على طريقة قول زائد بن صعصعة الفقعسي:
* إذ ما انتسبنا لم تلدني لئيمة * ولم تجدي من أن تقري بها بدا * أي تبين وعلم بالانتساب أني لست بابن لئيمة. والثاني أن المتوعد يقول للجاني: سوف أنتقم منك. يعني أنه لا يخل بالانتصار وإن تطاول به الزمان واستأخر، فجردها هنا لمعنى الوعيد ا ه منه بلفظه. إلا أنا زدنا اسم قائل البيت وتكلمته.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أنه يكتب ما يقول هذا الكافر ذكر نحوه في مواضع متعددة من كتابه، كقوله تعالى: * (قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون) *، وقوله تعالى: * (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) *، وقوله تعالى: * (هاذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إن كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) *، وقوله تعالى: * (ستكتب شهادتهم ويسألون) *. وقوله تعالى: * (سنكتب ما قالوا وقتلهم الا نبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق) *، وقوله تعالى: * (كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) * وقوله تعالى: * (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا ما لهاذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) *. وقوله تعالى: * (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) *: إلى غير ذلك من الآيات.
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»