وقال لهم خزنتهآ ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ءايات ربكم وينذرونكم لقآء يومكم هاذا قالوا بلى ولاكن حقت كلمة العذاب على قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جآءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) *. قوله تعالى: * (لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمان عهدا) *. قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يكون في الآية وجهان أو أوجه من التفسير كلها حق، وكل واحد منها يشهد له قرآن فإنا نذكر الجميع وأدلته من كتاب الله تعالى لأنه كله حق، فإذا علمت ذلك فاعلم أن هذه الآية الكريمة من ذلك النوع. قال بعض أهل العلم: الواو في قوله * (لا يملكون) * راجعة إلى * (المجرمين) * المذكورين في قوله * (ونسوق المجرمين إلى جهنم) * أي لا يملك المجرمون الشفاعة، أي لا يستحقون أن يشفع فيهم شافع يخلصهم مما هم فيه من الهول والعذاب.
وهذا الوجه من التفسير تشهد له آيات من كتاب الله. كقوله تعالى: * (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) *، وقوله تعالى: * (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) *، وقوله تعالى: * (وأنذرهم يوم الا زفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) *. وقوله: * (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) * مع قوله: * (ولا يرضى لعباده الكفر) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وهذا الوجه يفهم منه بالأحرى أن المجرمين لا يشفعون في غيرهم، لأنهم إذا كانوا لا يستحقون أن يشفع فيهم غيرهم لكفرهم فشفاعتهم في غيرهم ممنوعة من باب أولى. وعلى كون الواو في * (لا يملكون) * راجعة إلى * (المجرمين) * فالاستثناء منقطع و (من) في محل نصب. والمعنى: لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا يملكون الشفاعة، أي بتمليك الله إياهم وإذنه لهم فيها. فيملكون الشافعون بما ذكرنا ويستحقها به المشفوع لهم، قال تعالى: * (من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه) *، وقال: * (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) *، وقال: * (وكم من ملك فى السماوات لا تغنى شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشآء ويرضى) *