أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٥١١
الزمخشري: الضد العون، وحد توحيد قوله عليه السلام، (هم يد على من سواهم) لاتفاق كلمتهم، وأنهم كشيء واحد لفرط تضامنهم وتوافقهم. قوله تعالى: * (ألم تر أنآ أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) *. قوله: * (تر أنآ) *: أي سلطانهم عليهم وقيضناهم لهم. وهذا هو الصواب. خلافا لمن زعم أن معنى * (تر أنآ) *: أي خلينا بينهم وبينهم، ولم نعصمهم من شرهم. يقال: أرسلت البعير أي خليته.
وقوله: * (تؤزهم أزا) *: الأز والهز والاستفزاز بمعنى، ومعناها التهييج وشدة الإزعاج. فقوله * (تؤزهم أزا) * أي تهيجهم وتزعجهم إلى الكفر والمعاصي.
وأقوال أهل العلم في الآية راجعة إلى ما ذكرنا: كقول ابن عباس * (تؤزهم أزا) *: أي تغريهم إغراء). وكقول مجاهد * (تؤزهم أزا) *: أي تشليهم إشلاء. وكقول قتادة * (تؤزهم أزا) * أي تزعجهم إزعاجا.
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه سلط الشياطين على الكافرين، وقيضهم لهم يضلونهم عن الحق بينه في مواضع أخر من كتابه. كقوله تعالى: * (وقيضنا لهم قرنآء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم) *، وقوله تعالى: * (ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل) *، وقوله تعالى: * (ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس) *، وقوله: * (وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون) *، إلى غير ذلك من الآيات. وقوله تعالى: * (فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا) *. قوله: * (فلا تعجل عليهم) * أي لا تستعجل وقوع العذاب بهم فإن الله حدد له أجلا معينا معدودا. فإذا انتهى ذلك الأجل جاءهم العذاب. فقوله: * (إنما نعد لهم عدا) * أي نعد الأعوام والشهور والأيام التي دون وقت هلاكهم، فإذا جاء الوقت المحدد لذلك أهلكناهم. والعرب تقول: عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه.
وفما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن هلاك الكفار حدد له أجل معدود ذكره في مواضع كثيرة من كتابه. كقوله تعالى: * (ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»