أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٢
هو معنى قوله في (مريم): * (وناديناه من جانب الطور الا يمن) *. وقوله في (طه): * (فلمآ أتاها نودى ياموسى) *، وقوله: * (سأاتيكم منها بخبر) * هو معنى قوله في (طه): * (أو أجد على النار هدى) * أي من يدلني على الطريق فيخبرني عنها فآتيكم بخبره عنها. وقال تعالى في سورة (القصص): * (فلما قضى موسى الا جل وسار بأهله ءانس من جانب الطور نارا قال لاهله امكثوا إنىءانست نارا لعلى ءاتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلمآ أتاها نودى من شاطىء الوادى الأيمن فى البقعة المباركة من الشجرة) *. فالنداء في هذه الآية هو المذكورة في (مريم)، وطه. والنمل) وقد بين هنا أنه نودي من شاطىء الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة. فدلت الآيات على أن الشجرة التي رأى فيها النار عن يمين الجبل الذي هو الطور، وفي يمين الوادي المقدس الذي هو طوى على القول بأن طوى اسم له. وقد قدمنا قول ابن جرير: أن المراد يمين موسى. لأن الجبل ومثله الوادي لا يمين له ولا شمال. وقال ابن كثير في قوله * (نودى من شاطىء الوادى الأيمن) * أي من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب. كما قال تعالى: * (وما كنت بجانب الغربى إذ قضينآ إلى موسى الا مر) * فهذا مما يرشد إلى أن موسى قصد النار إلى جهة القبلة والجبل الغربي عن يمينه ا ه منه وهو معنى قوله: * (وناديناه من جانب الطور الا يمن) *، وقوله: * (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا) *.
والنداء المذكور في جميع الآيات المذكورة نداء الله له. فهو كلام الله أسمعه نبيه موسى. ولا يعقل أنه كلام مخلوق، ولا كلام خلقه الله في مخلوق كما يزعم ذلك بعض الجهلة الملاحدة. إذ لا يمكن أن يقول غير الله: * (إنه أنا الله العزيز الحكيم) *، ولا أن يقول: * (إننى أنا الله لا إلاه إلا أنا فاعبدنى) * ولو فرض أن الكلام المذكور قاله مخلوق افتراء على الله، كقول فرعون * (أنا ربكم الا على) * على سبيل فرض المحال فلا يمكن أن يذكره الله في معرض أنه حق وصواب.
فقوله: * (إننى أنا الله لا إلاه إلا أنا فاعبدنى) *، وقوله: * (إنه أنا الله العزيز الحكيم) * صريح في أن الله هو المتكلم بذلك صراحة لا تحتمل غير ذلك. كما هو معلوم عند من له أدنى معرفة بدين الإسلام.
(٤٣٢)
مفاتيح البحث: سورة القصص (1)، العزّة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»