العذاب قبلا فإرادته به ذلك مانعة من خلاف المراد. لاستحالة أن يقع خلاف مراده جل وعلا. بخلاف المانع (في آية بني إسرائيل) هذه، فهو مانع عادي يصح تخلفه. وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب). قوله تعالى: * (قل لو كان فى الا رض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السمآء ملكا رسولا) *. بين جل وعلا في هذه الآية: أن الرسول يلزم أن يكون من جنس المرسل إليهم. فلو كان مرسلا رسولا إلى الملائكة لنزل عليهم ملكا مثلهم. أي وإذا أرسل إلى البشر أرسل لهم بشرا مثلهم.
وقد أوضح هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله: * (وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضى الا مر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون) *، وقوله: * (ومآ أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحى إليهم) *، وقوله: * (ومآ أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الا سواق) * كما تقدم إيضاحه. قوله تعالى: * (أولم يروا أن الله الذى خلق السماوات والا رض قادر على أن يخلق مثلهم) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من خلق السماوات والأرض مع عظمها قادر على بعث الإنسان بلا شك. لأن من خلق الأعظم الأكبر فهو على خلق الأصغر قادر بلا شك.
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر. كقوله: * (لخلق السماوات والا رض أكبر من خلق الناس) *، أي ومن قدر على خلق الأكبر فهو قادر على خلق الأصغر. وقوله: * (أوليس الذى خلق السماوات والا رض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى) *، وقوله: * (أولم يروا أن الله الذى خلق السماوات والا رض ولم يعى بخلقهن) *، وقوله: * (أءنتم أشد خلقا أم السمآء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والا رض بعد ذلك دحاها أخرج منها مآءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولانعامكم) *. قوله تعالى: * (قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا) *. بين تعالى في هذه الآية: أن بني آدم لو كانوا يملكون خزائن رحمته أي خزائن الأرزاق والنعم لبخلوا بالرزق على غيرهم، ولأمسكوا عن الإعطاء. خوفا من الإنفاق لشدة بخلهم.