والظاهر أن الضمير في قوله * (به تبيعا) * راجع إلى الإهلاك بالإغراق المفهوم من قوله * (فيغرقكم بما كفرتم) * أي لا تجدون تبيعا يتبعنا بثأركم بسبب ذلك الإغراق.
وقال صاحب روح المعاني. وضمير (به) قيل للإرسال، وقيل للإغراق، وقيل لهما باعتبار ما وقع. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ولقد كرمنا بنىءادم) *. قال بعض أهل العلم: من تكريمه لبين آدم خلقه لهم على أكمل الهيئات وأحسنها. فإن الإنسان يمشي قائما منتصبا على رجليه، ويأكل بيديه. وغيره من الحيوانات يمشي على أربع، ويأكل بفمه.
ومما يدل لهذا من القرآن قوله تعالى: * (لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم) *، وقوله: * (وصوركم فأحسن صوركم) * وفي الآية كلام غير هذا. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (وحملناهم فى البر والبحر) *. أي في البر على الأنعام، وفي البحر على السفن.
والآيات الموضحة لذلك كثيرة جدا. كقوله: * (وعليها وعلى الفلك تحملون) *، وقوله: * (والذى خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والا نعام ما تركبون) * وقد قدمنا في مستوفى بإيضاح (في سورة النحل). * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتى كتابه بيمينه فأولائك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا * ومن كان فى هاذه أعمى فهو فى الا خرة أعمى وأضل سبيلا * وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينآ إليك لتفترى علينا غيره وإذا لآتخذوك خليلا * ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحيواة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا * وإن كادوا ليستفزونك من الا رض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا * سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا) * قوله تعالى: * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) *. قال بعض العلماء: المراد (بإمامهم) هنا كتاب أعمالهم.
ويدل لهذا قوله تعالى: * (وكل شىء أحصيناه فى إمام مبين) *، وقوله: * (وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون) *. وقوله: * (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه) *، وقوله: * (وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) * واختار هذا القول ابن كثير. لدلالة آية (يس) المذكورة عليه. وهذا القول رواية عن ابن عباس ذكرها ابن جرير وغيره، وعزاه ابن كثير لابن عباس وأبي العالية والضحاك والحسن. وعن قتادة ومجاهد: أن المراد (بإمامهم) نبيهم.