أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ١٧٩
وضعف الممات. أي مثلي عذاب الحياة في الدنيا ومثلي عذاب الممات في الآخرة. وبهذا جزم القرطبي في تفسيره. وقال بعضهم: المراد بضعف عذاب الممات: العذاب المضاعف في القبر والمراد بضعف الحياة: العذاب المضاعف في الآخرة بعد حياة البعث. وبهذا جزم الزمخشري وغيره. والآية تشمل الجميع، وهذا الذي ذكره هنا من شدة الجزاء لنبيه لو خالف بينه في غير هذا الموضع. كقوله: * (ولو تقول علينا بعض الا قاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين) *.
وهذا الذي دلت عليه هذه الآية من أنه إذا كانت الدرجة أعلى كان الجزاء عند مخالفة أعظم بينه في موضع آخر. كقوله: * (يانسآء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) *. ولقد أجاد من قال: ولقد أجاد من قال:
* وكبائر الرجل الصغير صغائر * وصغائر الرجل الكبير كبائر * تنبيه هذه الآية الكريمة أوضحت غاية الإيضاح براءة نبينا صلى الله عليه وسلم من مقاربة الركون إلى الكفار، فضلا عن نفس الركون. لأن * (ولولا) * حرف امتناع لوجود. فمقاربة الركون منعتها * (ولولا) * الامتناعية لوجود التثبيت من الله جل وعلا لأكرم خلقه صلى الله عليه وسلم. فصح يقينا انتفاء مقاربة الركون فضلا عن الركون نفسه. وهذه الآية تبين ما قبلها، وأنه لم يقارب الركون إليهم البتة. لأن قوله * (لقد كدت تركن إليهم شيئا) * أي قاربت تركن إليهم هو عين الممنوع ب * (ولولا) * الامتناعية كما ترى. ومعنى * (تركن إليهم) *: تميل إليهم. * (أقم الصلواة لدلوك الشمس إلى غسق اليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا * ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا * وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا * وقل جآء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا * وننزل من القرءان ما هو شفآء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا * وإذآ أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا * قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا * ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى ومآ أوتيتم من العلم إلا قليلا * ولئن شئنا لنذهبن بالذى أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا * إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا * قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هاذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا * ولقد صرفنا للناس فى هاذا القرءان من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا * وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الا رض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الا نهار خلالها تفجيرا * أو تسقط السمآء كما زعمت علينا كسفا أو تأتى بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى فى السمآء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرءه قل سبحان ربى هل كنت إلا بشرا رسولا * وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جآءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا * قل لو كان فى الا رض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السمآء ملكا رسولا * قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا * ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أوليآء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا * ذلك جزآؤهم بأنهم كفروا بأاياتنا وقالوا أءذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا * أولم يروا أن الله الذى خلق السماوات والا رض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا * قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا * ولقد ءاتينا موسى تسع ءايات بينات فاسأل بنى إسراءيل إذ جآءهم فقال له فرعون إنى لأظنك ياموسى مسحورا * قال لقد علمت مآ أنزل هاؤلاء إلا رب السماوات والا رض بصآئر وإنى لأظنك يافرعون مثبورا * فأراد أن يستفزهم من الا رض فأغرقناه ومن معه جميعا * وقلنا من بعده لبنى إسراءيل اسكنوا الا رض فإذا جآء وعد الا خرة جئنا بكم لفيفا * وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ومآ أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا) * قوله تعالى: * (أقم الصلواة لدلوك الشمس) *. قد بينا (في سورة النساء): أن هذه الآية الكريمة من الآيات التي أشارت لأوقات الصلاة. لأن قوله * (لدلوك الشمس) * أي لزوالها على التحقيق، فيتناول وقت الظهر والعصر. بدليل الغاية في قوله * (إلى غسق اليل) * أي ظلامه، وذلك يشمل وقت المغرب والعشاء. وقوله * (وقرءان الفجر) * أي صلاة الصبح، كما تقدم إيضاحه وأشرنا للآيات المشيرة لأوقات الصلوات. كقوله: * (وأقم الصلواة طرفى النهار وزلفا من اليل) *، وقوله: * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) *. وأتممنا بيان ذلك
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»